في قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، فقال الشافعيّ، وجماهير
العلماء، من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم: هي شوّالى، وذو القعدة، وعشر
ليال من ذي الحجة، تَمْتَدّ إلى الفجر ليلة النحر، وروي هذا عن مالك أيضاً،
والمشهور عنه شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة بكماله، وهو مروي أيضاً عن
ابن عباس، وابن عمر - رضي الله عنهم -، والمشهور عنهما ما قدمناه عن الجمهور.
انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه مالك لأإَلئهُ هو
الأقرب لظاهر النصّ، حيث قال: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} بصيغة الجمع، فتأمل،
والله تعالى أعلم.
وقولها: (فَمِنْهُمُ الْآخِذُ بهَا، وَالتارِكُ لَهَا، مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَديٌ) قال
النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وفي الحديث الآخر بعد هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَوَ ما شَعَرت أني
أمرت الناس بأمر، فإذا هم يترددون"، وفي حديث جابر: "فأمرنا أن نَحِلّ"،
يعني بعمرة، وقال في آخره: "قال: فَحِلُّوا، قال: فحللنا، وسمعنا، وأطعنا"،
وفي الرواية الأخرى: "أَحِلُّوا من إحرامكم، فطوفوا بالبيت، وبين الصفا
والمروة، وقَصِّروا، وأقيموا حلالاً، حتى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ،
واجعلوا الذي قَدِمتم بها مُتْعَةً، قالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمّينا الحجّ؟
قال: افعلوا ما آمركم به".
هذه الروايات صحيحةٌ في أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة أمرَ
عزيمةٍ وتحتمٍ، بخلاف الرواية الأولى، وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يكن معه
هدممب، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل".
قال العلماء: خَيَّرهم أوّلاً بين الفسخ وعدمه ملاطفة لهم، وإيناساً بالعمرة
في أشهر الحجّ؛ لأنهم كانوا يرونها من أفجر الفجور، ثم حَتَمَ عليهم بعد ذلك
الفسخَ، وأمرهم به أمرَ عزيمةٍ، وألزمهم إياه، وكَرِهَ ترَدُّدهم في قبول ذلك، ثم
قَبِلوه، وفعلوه إلا من كان معه هدي، والله أعلم. انتهى.
وقولها: (سَمِعْتُ كَلَامَكَ مَعَ أَصْحَابِكَ، فَسَمِعْتُ بِالْعُمْرَةِ) كذا هو في