واحد، وسعي واحد، هو الحقّ، ودليله هو السنة الصحيحة الصريحة فيه، ولا
حاجة إلى الأدلة العقلية؛ لأن السنة الصحيحة فيها الكفاية؛ إذ هي العمدة
البالغة، والحجة الدامغة، وكلّ قياس في مقابلتها فاسد الاعتبار، ولله درّ من
قال، وأجاد في المقال [من الوافر]:
إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ يَوْماً ... جَارِي فِي مَيَادينِ الكِفَاحِ
غَدَتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى ... تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب
قال:
[2911] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنى أَبِي،
عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ،
فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيَحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى، فَلَا يَحِلُّ حَتَّى
يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ"، قَالَتْ عائشة - رضي الله عنها -: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ
حَائِضاً حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ
أَنْقُضَ رَأسِي، وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، حَتى
إِذَا قَضَيْتُ حَجَّتِي، بَعَثَ مَعِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَرَنِي
أَنْ أَعْتَمِرَ مِنَ التَّنْعِيمِ، مَكَانَ عُمْرَتي الَّتي أَدْرَكَني الْحَجُّ، وَلَمْ أَحْلِلْ مِنْهَا).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ) أبو عبد الله المصريّ، ثقةٌ [11]
(ت 248) (م د س) تقدم في "الإيمان" 26/ 211.
2 - (أَبُوهُ) شعيب بن الليث بن سعد، أبو عبد الملك المصريّ، ثقةٌ فقيهٌ
نبيل، من كبار [10] (ت 199) تقدم في "الإيمان" 26/ 211.
3 - (جَدُّهُ) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الْفَهْميّ، أبو الحارث