قال: "حلف طاوس ما طاف أحدٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحجه وعمرته
إلا طوافاً واحداً"، وهذا إسناد صحيح، وفيه بيان ضعف ما رُوي عن عليّ،
وابن مسعود من ذلك، وقد رَوَى آل بيت علئ عنه مثل الجماعة، قال جعفر بن
محمد الصادق، عن أبيه أنه كان يحفظ عن عليّ: "للقارن طواف واحد"،
خلاف ما يقول أهل العراق، ومما يضعّف ما روي عن عليّ من ذلك أن أمثل
طرقه عنه رواية عبد الرحمن بن أُذينة عنه، وقد ذكر فيها أنه يمتنع على من
ابتدأ الإهلال بالحجّ أن يدخل عليه العمرة، وأن القارن يطوف طوافين،
ويسعى سعيين، والذين احتجّوا بحديثه لا يقولون بامتناع إدخال العمرة على
الحجّ، فإن كانت الطريق صحيحة عندهم لزمهم العمل بما دلّت عليه، وإلا فلا
حجة فيها.
وقال ابن المنذر: احتجّ أبو ثور (?) من طريق النضر (?) بأنّا أجزنا جميعا
للحجّ والعمرة سفراً واحداً، وإحراماً واحداً، وتلبية واحدة، فكذلك يجزي
عنهما طواف واحد، وسعيٌ واحد؛ لأنهما خالفا في ذلك سائر العبادات، وفي
هذا القياس مباحث كثيرة، لا نُطيل بها.
واحتجّ غيره بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة"، وهو
صحيح، كما سلف، فدلّ على أنها لا تحتاج بعد أن دخلت فيه إلى عمل آخر
غير عمله.
والحقّ أن الْمُتَّبَعَ في ذلك السنةُ الصحيحةُ، وهي مستغنية عن غيرها.
انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- هو كلام
نفيسٌ جدّاً.
وحاصله أن ما دلّت عليه السنة الصحيحة، وهو أن القارن يكفيه طواف