البخاريّ" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أيّامٍ العملُ المصالح فيها أفضل منه في هذه"؛ يعني العشر الأوائل من ذي الحجة، فيتأول قولها: "لَمْ يصم العشر" أنه لَمْ يصمه لعارض مرضٍ، أو سفبر، أو غيرهما، أو أنَّها لَمْ تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هُنَيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كلّ شهر، أول اثنين من الشهر، والخميس"، ورواه أبو داود، وهذا لفظه، وأحمد، والنسائيّ، وفي روايتهما: "وخميسين" (?). انتهى (?).
وقال في "المرعاة": هذا الحديث بظاهره يخالف ما تقدّم في "باب الأضحية" من فضيلة مطلق العمل المتضمّن للصيام في عشر ذي الحجة، ومن فضيلة خصوص الصيام فيها، وما في حديث أبي قتادة من استحباب الصوم في التاسع منها، وهو يوم عرفة، وما في حديث حفصة من عدم تركه - صلى الله عليه وسلم - صيام العشر، وفي حديث هُنيدة بن خالد عن امرأته، عن بعض أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة ... "الحديث، أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائيّ.
والجواب عن هذا أن المراد من قولها: "لَمْ يصم العشر" أنه لَمْ يصمها لعارض مرض، أو سفر، أو غيرهما، أو أنَّها لَمْ تره صائمًا فيها، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، وإذا تعارض النفي والإثبات، فالإثبات أولى بالقبول.
قال البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - بعد رواية حديث هُنيدة، وحديث عائشة - رضي الله عنه - ما لفظه: والمثبت أولى من النافي، مع ما مضى من حديث ابن عبّاس في فضيلة العمل المصالح في عشر ذي الحجة.
وقيل: المراد نفي جمع العشر، وفيها يوم العيد، وهذا لا ينافي حوم بعضها.