فخرج رجل لحاجته، فلقي امرأته جامعها إن شاء، فنزلت.
واتَّفَق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلَّا محمد بن عمر بن لبابة المالكيّ، فأجازه في كلّ مكان، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وهو المكان المعَدّ للصلاة فيه، وفيه قول للشافعي قديم، وفي وجه لأصحابه، وللمالكية: يجوز للرجال والنساء؛ لأن التطوع في البيوت أفضل.
وذهب أبو حنيفة، وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات، وخصّه أبو يوسف بالواجب منه، وأما النفل ففي كلّ مسجد.
وقال الجمهور بعمومه من كلّ مسجد إلَّا لمن تلزمه الجمعة، فاستَحَبّ له الشافعيّ في الجامع، وشرَطه مالك؛ لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة، ويجب بالشروع عند مالك.
وخصّه طائفة من السلف كالزهريّ بالجامع مطلقًا، وأومأ إليه الشافعيّ في القديم.
وخصّه حُذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة، وعطاء بمسجد مكة والمدينة، وابن المسيِّب بمسجد المدينة. انتهى (?).
وقال الإمام ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ -: ولا يجوز الاعتكاف إلَّا في مسجد يُجَمَّع فيه؛ يعني تقام الجماعة فيه، وإنما اشتُرِط ذلك؛ لأن الجماعة واجبة، واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يُفضي إلى أحد أمرين: إما ترك الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها، فيتكرر ذلك منه كثيرًا، مع إمكان التحرز منه، وذلك مناف للاعتكاف إذ هو لزوم المعتكَف، والإقامةُ على طاعة الله فيه، ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد؛ إذا كان المعتكف رجلًا، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافًا.
والأصل فيه قول الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، فخصّها بذلك، فلو صح الاعتكاف في غيرها لَمْ يختص تحريم المباشرة فيها، فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقًا. انتهى (?).