تفصيله، وأجمعوا على أنه ليس بواجب، وهو قربة من القُرب، ونافلة من النوافل، عَمِل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأزواجه من بعده (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ") زاد في الرواية التالية: "قال نافع: وقد أراني عبد الله - رضي الله عنه - المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد"، وزاد ابن ماجة من وجه آخر عن نافع: "إن ابن عمر كان إذا اعتكف طُرح له فراشه وراء أسطوانة التوبة"، وزاد في حديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي: "حتى توفّاه الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ثمّ اعتَكَف أزواجه من بعده".
قال في "الفتح": فيؤخذ من الحديث الأول اشتراط المسجد له، ومن الثاني أنه لَمْ يُنْسَخ، وليس من الخصائص، وأما قول ابن نافع عن مالك: فَكَّرتُ في الاعتكاف، وترك الصحابة له مع شدة اتّباعهم للأثر، فوقع في نفسي أنه كالوصال، وأراهم تركوه لشدته، ولم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلَّا عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن. انتهى.
وكأنه أراد صفة مخصوصة، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة، ومن كلام مالك أَخَذ بعض أصحابه أن الاعتكاف جائزٌ، وأنكر ذلك عليهم ابن العربيّ، وقال: إنه سنة مؤكدة، وكذا قال ابن بطال: في مواظبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما يدلّ على تأكده، وقال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أنه مسنون. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 2780 و 2781] (1171)، و (البخاريّ) في "الاعتكاف" (2025)، و (أبو داود) في "الاعتكاف" (2465)، و (ابن ماجة) في "الاعتكاف" (1773)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 133)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (3/ 259)، والله تعالى أعلم.