وحاصل ما أشار إليه أنس -رضي الله عنه- في هذا أنه شكّ هل هذا الحديث الذي سمعه منه -صلى الله عليه وسلم- من جملة ما بلّغه عن الله تعالى على أنه قرآن يُتلى، أم من جملة ما بلّغه عنه تعالى، وليس مما يتلى؟ .
وقد ذكر الإمام البخاريّ رحمهُ اللهُ في "صحيحه" بعد إخراجه حديث أنس -رضي الله عنه- الآتي بعدُ من رواية ابن شهاب عنه ما نصّه: وقال لنا أبو الوليد (?): حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أُبَيّ، قال: كنا نَرَى هذا من القرآن حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (?)}. انتهى.
قال في "الفتح": قوله: "كنا نُرَى" بضم النون: أي نظنّ، ويجوز فتحها من الرأي أي نعتقد، قوله: "هذا" لم يبين ما أشار إليه بقوله: "هذا"، وقد بيّنه الإسماعيليّ، من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، ولفظه: كنّا نرى هذا الحديث من القرآن: "لو أن لابن آدم واديين من مال، لتمنى واديًا ثالثًا ... " الحديث، دون قوله: "ويتوب الله إلخ".
وقوله: "حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (?)} "، زاد في رواية موسى بن إسماعيل: "إلى آخر السورة"، وللإسماعيليّ أيضًا، من طريق عفّان، ومن طريق أحمد بن إسحاق الحضرميّ قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، فذكر مثله، وأوّله: "كنا نُرى أن هذا من القرآن إلخ".