عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الشورى: 25 - 26].
وقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لله أشدّ فرحًا بتوبة عبده المؤمن، من رجل في أرض دَوّيّة مُهْلِكة، معه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ، وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته، وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشدّ فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته".
وأخرجاه من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشدّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فاع يِس منها، فأَتَى شجرةً، فاضطجع في ظلها، قد أَيِس من راحلته، فبينا هو كذلك؛ إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:
[2416] ( ... ) - (وَحَدَّثنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ، فَلَا أَدْرِي أَشَيْءٌ أُنْزِلَ، أَمْ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ).
رجال هذا الإسناد: ستة، وقد تقدّموا قبل حديث.
وقوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ) مقول القول هو ما تقدّم في الرواية الماضية، وهو قوله: "لو كان لابن آدم واديان إلخ".
وقوله: (فَلَا أَدْرِي أَشَيْءٌ أُنْزِلَ، أَمْ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ) ببناء أُنزل للمفعول، هذا من كلام أنس -رضي الله عنه- بيّن به أنه لم يعلم أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان لابن آدم إلخ" هل هو مما نزل من القرآن المتلوّ، أو هو من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يقوله من عنده، وليس متلوًّا؟ .