انتهى، ولفظ أبي داود: "حتى يقول" باللام من القول، ولا يحتاج إلى تقدير محذوف.

وقال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "حتى يقوم" هكذا في جميع نسخ مسلم، وهو صحيح، وقال الصنعانيّ (?): كذا وقع في كتاب مسلم، والصحيح "يقول" باللام، وكذا أخرجه أبو داود، قال الطيبيّ: قد سبق أن "يقوم" أبلغ، والمقام له أدعى، وحذف القول في الكلام الفصيح شائع، قال تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا} الآية [الكهف: 48]. انتهى (?).

(مِنْ ذَوِي الْحِجَا) -بكسر الحاء المهملة، وفتح الجيم، بعدها ألف مقصورة-: أي العقل والفِطْنة، قال القرطبيّ: واشترط الحجا؛ لأن من عَدِمه لا يحصل بقوله ثقةٌ، ولا يصلح للشهادة، أو لعلّه عبّر به عما يُشرط في المخبِر والشاهد من الأمور التي توجب الثقة بأقوالهم، ويكون الموصوف بها عَدْلًا مرضيًّا. انتهى (?).

(مِنْ قَوْمِهِ) إنما قيّدهم بقومه؛ لأنهم أعلم بدَخِيلة أمره، واستظهر بالثالث ليُلحق بالمنتشر، ولم يحتج فيمن أصابته الجائحة إلى مثل هذا؛ لظهور أمر الجائحة، وأما أمر الفاقة، فقد تخفى، قاله القرطبيّ رحمه الله (?).

وقال النوويّ رحمه الله: وإنما قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قومه" لأنهم من أهل الخبرة بباطنه، والمال مما يُخفَى في العادة، فلا يعلمه إلا من كان خبيرًا بصاحبه، وإما اشترط الحجا تنبيهًا على أنه يشترط في الشاهد التيقّظ، فلا تُقبل من مغفّل، وأما اشتراط الثلاثة، فقال بعض أصحابنا: هو شرط في بينة الإعسار، فلا يُقبل إلا من ثلاثة؛ لظاهر هذا الحديث، وقال الجمهور: يقبل من عدلين، كسائر الشهادة، غير الزنا، وحملوا الحديث على الاستحباب، وهذا محمول على من عُرِف له مالٌ، فلا يُقبل قوله في تلفه، والإعسار إلا ببيّنة، وأما من لم يُعرف له مالى، فالقول قوله في عدم المال. انتهى كلام النوويّ رحمه الله.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: يؤيّد هذا قوله في الحديث: "اجتاحت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015