(ثُمَّ يُمْسِكُ) أي يترك مسألة الناس؛ لانقضاء سبب حلّ مسألتهم، وهو تحمّله الحمالة، فلما أصاب حاجته ارتفعت الإباحة، فيجب أن يمسك عنها.

(وَرَجُلٌ) يجوز فيه أوجه الإعراب الثلاثة على ما تقدّم في الذي قبله (أَصَابَتْهُ جَائِحَة) هي الآفة التي تُهلك الثمار، والأموال، وتستأصلها، كالغَرَق، والْحَرْق، والبرد، المفسد للزروع والثمار، قال الفيّوميّ رحمه الله: الجائحة الآفة، يقال: جاحت الآفة المالَ تَجُوحُهُ جَوْحًا، من باب قال: إذا أهلكته، وتَجِيحه جيَاحةً لغة، فهي جائحةٌ، والجمع الجوائح، والمال مَجُوحٌ، ومَجِيحٌ، وأجاحته بالألف لغة ثالثةٌ، فهو مُجَاحٌ، واجتاحتِ المالَ، مثلُ جاحته. انتهى.

(اجْتَاحَتْ) أي استأصلت، وأتلفت (مَالَهُ) من ثمار بستانه، أو غيرها من الأموال (فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ) وفي رواية النسائيّ: "حتى يُصيبها" أي حتى يصيب بدل ماله المجتاح، وأنّث ضميره لتأويله بالحاجة، والله تعالى أعلم.

وقوله: "قَوَامًا من عيش" قال ابن الأثير: أي ما يقوم بحاجته الضروريّة، وقِوام الشيء: عماده الذي يقوم به، يقال: فلان قِوام أهل بيته، وقِوام الأمر ملاكه. انتهى (?).

وقال في "القاموس": والقَوَام، كسَحَاب: العَدْل، وما يُعاش به. وبالضمّ: داءٌ في قوائم الشاء. وبالكسر: نظام الأمر، وعماده، وملاكه.

وقال في "المصباح": القوام -بكسر القاف-: ما يُقيم الإنسان من القوت، والقوام بالفتح: العدل، والاعتدال، قال تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] أي عَدْلًا، وهو حسن القَوَام: أي الاعتدال. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تبيّن مما ذُكر أن القَوَام هنا يجوز ضبطه بالفتح، والكسر، على ما في "القاموس"، ومعناه: ما يقوم بحاجته الضروريّة، والله تعالى أعلم.

(أَوْ) للشكّ من بعض الرواة (قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) أي ما يكفي حاجته، و" السِّدَاد" -بالكسر-: كلّ شيء سَدَدْتَ به خَلَلًا، وبه سمّي سِدَادُ الثَّغْر، والقارورةِ، والحا جةِ، قاله ابن الأثير (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015