في قدره، بل شرفًا وفخرًا، ولذلك سال هذا الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حمالته التي تحمّلها على عادتهم، فأجابه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بحكم المعونة على المكرُمة، ووعده طو بمال من الصدقة؛ لأنه غارم من جملة الغارمين المذكورين في آية الصدقات. انتهى (?).

(فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسْأَلهُ فِيهَا) أي في الحمالة؛ أي لأجلها (فَقَالَ: "أَقِمْ) أمر من الإقامة، بمعنى اثبت، واصبر. وقال السندي: أي كن في المدينة مقيمًا (حَتَّى تَأَتِيَنَا الصَّدَقَةُ) بنصب الفعل بـ "أن" مضمرةً وجوبًا بعد "حتّى"، لكونه مستقبلًا، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "حَتَّى" حَالًا اوْ مُؤَوَّلَا ... بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا

والمعنى: حتى يَحْضُر لدينا مال الصدقة (فَنَأَمُرَ لَكَ بِهَا") بالنصب عطفًا على "تأتي" (قَالَ) قبيصة (ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يَا قَبِيصَةُ إِن الْمَسْأَلةَ) وفي رواية للنسائيّ: "إن الصدقة" (لَا تَحِل إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثةٍ) أي لا تحلّ إلا لصاحب ضرورة مُلْجِئة إلى السؤال، كهؤلاء الثلاثة، وقال القرطبيّ رحمه الله: لَمّا قَرّر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منعَ قاعدة المسألة من الناس بما تقدّم من الأحاديث، وبمبايعتهم على ذلك، وكانت الحاجات والفاقات تنزل بهم، فيحتاجون إلى السؤال، بَيَّن لهم -صلى الله عليه وسلم- من يخرُج من عموم تلك القاعدة، وهم هؤلاء الثلاثة. انتهى (?).

(رَجُل) بالجرّ بدلًا من "أحد"، أو من "ثلاثة"، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، اي أحدهم، ويجوز نصبه بتقدير فعل، كـ "أعني"، على لغة ربيعة الذين يقفون على المنصوب المنوّن بالسكون (تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلةُ) أي جاز له سؤال الناس (حَتَّى يُصِيبَهَا) أي ينال من المال ما يقضي به تلك الحمالة.

قال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "حتى يُصيبها" الضمير ليس يرجع إلى المسألة، ولا إلى الحمالة نفسِها، بل إلى معناهما؛ أي يُصيب ما حصل له من المسألة، أو ما أدَّى من الحمالة، وهي الصدقة. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015