"ليس على المسلم في عبده، ولا في فرسه صدقة". متفق عليه، وحمله الجمهور على ما كان للقنية. وحدّد الشرع نصاب كل جنس بما يحتمل المواساة.
فنصاب الفضّة خمس أواق، وهي مائتا درهم بنصّ الحديث. وأما الذهب، فعشرون مثقالًا بنصّ الحديث، والإجماع أيضًا، وإن كان فيه خلاف شاذّ. وأما الزرع والثمار والماشية، فنُصُبُها معلومة.
ورتّب الشرع مقدار الواجب بحسب المؤنة والتعب في المال، فأعلاها، وأقلها تعبًا الركاز، وفيه الخمس؛ لعدم التعب فيه، ويليه الزرع والثمر، فإن سُقي بماء السماء، ونحوه، ففيه العشر، وإلا فنصفه؛ لأن في الأول التعبَ من طرف (?)، والثاني من طرفين، ويليه الذهب والفضة، والتجارة، ففيها ربع العشر؛ لأنه يحتاج إلى العمل فيه جميع السنة، ويليه الماشية، فإنه يدخلها الأوقاص (?)، بخلاف الأنواع السابقة.
فالمأخوذ إذًا: الْخُمُس، ونصفه، وربعه، وثمنه، وهذا من حسن ترتيب الشريعة، وهو التدريج في المأخوذ. انتهى كلام ابن الملقّن (?).
وقال القرطبىّ رحمه اللهُ: وتسمى الزكاة صدقةً مأخوذة من الصدق؛ إذ هي دليل على صحّة إيمانه، وصدق باطنه مع ظاهره.
قال: وشرعها الله تعالى مواساة للفقراء، وتطهيرًا للأغنياء من البخل، وإنما تجب على من كان له من المال ما له بالٌ، وأقلّ ذلك النصاب على ما يأتي بيانه.
ثم موضوعها الأموال النامية؛ أي: الصالحة للنماء، وهي العين، والحرث، والماشية، ثم هذه الأصول منها ما ينمو بنفسه، كالحرث والماشية، ومنها ما ينو بتغيير عينه وتقليبه كالعين. والإجماع منعقدٌ على تعلّق الزكاة بأعيان هذه المسميات، فأما تعلّق الزكاة بما سواها من العروض، والديون، ففيها ثلاثة أقوال: