أجرها، كما صحّ أن الله تعالى يربّي الصدقة حتى تكون كالجبل. وقيل: لأن متعلقها الأموال ذات النماء، فسميت بالنماء لتعلقها به.
ومن الثاني: قوله تعالى: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية [التوبة: 103]، وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)} [الشمس: 9]؛ أي: طهّرها من دنس المعاصي والمخالفات، دليله قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس: 10]؛ أي: أخملها بالمعاصي، فالزكاة تطهّر النفس من رذيلة البخل وغيره. وقد قيل: من أذى زكاة ماله لم يُسَمّ بخيلًا، وتطهّر أيضًا من الذنوب، وتطهّر المال أيضًا من الخبث. وقيل: سميت زكاةً لأنها تزكي صاحبها، وتشهد بصحّة إيمانه؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "والصدقة بُرهان" رواه مسلم. وقد قيل في قوله تعالى: {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7] لا يشهدون أن لا إله إلا الله. وتسمى أيضًا صدقةً؛ كما نصّ عليه القرآن والسنّة؛ لأنها دليل لتصديق صاحبها، وصحّة إيمانه ظاهرًا وباطنًا. وتسمى أيضًا حقَّا، قال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، ونفقةً، قال تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] وعفوًا، قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] فهذه خمسة أسماء.
وقوله تعالى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74]، وقوله: {غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 19]؛ أي: طاهرًا. وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)} [الأعلى: 14]، وقوله: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)} [الليل: 18]؛ أي: يتقرّب. وقيل: يعمل صالحًا.
وجاء في القرآن بمعنى الإسلام، قال تعالى: {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)} [عبس: 7]. وبمعنى الحلال، قال تعالى: {أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19]. ومن العجب إنكار داود الظاهريّ وجود الزكاة لغة، وقال: إنما عُرفت بالشرع.
وهي في الشرع: اسم لما يُخرج من المال طهارةً له.
وشُرعت لمصلحة الدافع طهرةً له، وتضعيفًا لأجره، ولمصلحة الآخذ سدًّا لخلّته.
وأفهم الشرع أنها وجبت للمساواة، وأنها لا تكون إلا في مال له بالٌ، وهو النصاب، ثم جعلها في الأموال النامية، وهي العين، والزرع، والماشية. وأجمعوا على أن وجوب الزكاة في هذه الأنواع، واختلفوا فيما سواها كالعروض، والجمهورُ على الوجوب فيها؛ خلافًا لداود، مستدلًّا بحديث: