ذلك في قوله: "لا يَقُلْ أحدكم أطعم ربّك، وضّئ ربّك، واسق ربّك، ولا يقُل أحدكم: ربّي، وليقُل: سيّدي ومولاي" (?).

[والجواب]: أن هذا من باب التشديد والمبالغة، قال في "الفتح": يُجمَع بينهما بأن اللفظ هنا خرج على سبيل المبالغة، أو المراد بالرب هنا المربي، وفي المنهي عنه السيد، أو أن النهي عنه متأخر، أو مختص بغير الرسول - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?).

وقال التوربشتيّ: فسَّرَ هذا القول كثير من العلماء على أن السبي يكثر بعد اتّساع رُقعة الإسلام، فيستولد الناس إماءهم، فيكون الولد كالسيّد لأمه؛ لأن ملك الأمة راجع في التقدير إلى الولد، وذَكَره بلفظ التأنيث، وأراد به النسمة؛ ليشمل الذكور والإناث، أو كَرِه أن يقول: ربّها؛ تعظيمًا لجلال ربّ العباد، أو أراد البنت، وإذا كانت هكذا، فالابن أولى.

وقال القاضي ناصر الدين: وتأنيث "ربتها"، وإضافتها إما لأجل أنه سبب عتقها، أو لأنه وَلَد ربّها، أو مولاها بعد الأب، وذلك إشارة إلى قوّة الإسلام؛ لأن كثرة السبي والتسرّي دليل على استعلاء الدين، واستيلاء المسلمين، وهي من الأمارات؛ لأن قوّته، وبلوغ أمره غايته منذر بالترجع، والانحطاط المؤذن بأن القيامة ستقوم.

وقال الطيبيّ: وأقول - والعلم عند الله -: الكلام فيه صعب، بل هو مقام دحضٌ، قلما تثبت فيه الأقدام الراسية في البيان، وكان قلما يلتفت الخاطر إلى معرفته، وما تكلّم فيه العلماء لم يكن يشفي العليل إلى أن تصدّيتُ لأمر هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015