ويُستفاد من اختلاف الروايات: أن التحديث، والإخبار، والإنباء، بمعنى واحد، وإنما غاير بينها أهل الحديث اصطلاحًا (?).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا) هو في تأويل المصدر خبر لمحذوف، أي هي: أي الأمارات ولادة الأمة ربتها.

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: الأمة هنا: هي الجارية المستولدة، وربّها سيّدها، وقد سُمّي بعلًا في الرواية الأخرى، كما سمّاه الله تعالى بعلًا في قوله تعالى: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)} [الصّافّات: 125]، في قول ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، وحُكي عنه أنه قال: لم أَدْرِ ما البعل؟ حتى قلت لأعرابيّ: لمن هذه الناقة؟ فقال: أنا بعلها، وقد سُمي الزوج بعلًا، ويُجمع على بُعُولة, كما قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228]، {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: 72]. و"ربّتها": تأنيث ربّ. انتهى كلام القرطبيّ (?).

وقال ابن الأثير رَحمه اللهُ: "الربّ" يُطلق في اللغة على المالك، والسيّد، والمدبّر، والمربّي، والقيّم، والمنعم، ولا يُطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، وإذا أُطلق على غيره أُضيف، فيقال: ربُّ كذا، وقد جاء في الشعر مطلقًا على غير الله تعالى، وليس بالكثير، وأراد به في هذا الحديث المولى، والسيّد، يعني أن الأمةَ تَلِد لسيّدها ولدًا فيكون لها كالمولى؛ لأنه في الحسب كأبيه، أراد أن السبي يكثر، والنعمة تظهر في الناس، فتكثُر السراري. انتهى (?).

وقال الطيبيّ رَحمه اللهُ: قوله: "أن تلد الأمة ربتها": "الربّ" مشترك بين المالك، والمربّي، قال صاحب "الأساس": ربُّ الدار، وربّ العبد، وربّى ولده تربيةً، وقال الجوهريّ: ربّ كلّ شيء: مالكه، وقال في "الكشّاف": الربّ المالك، ومنه قول صفوان لأبي سفيان: "لأن يَرُبَّني رجلٌ من قريش أحبّ إليّ من أن يَرُبّني رجل من هوازن" هذا هو المعنى في الحديث.

[فإن قيل]: كيف أُطلق الربّ على غير الله تعالى، وقد نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015