"رسول الله"؛ امتحانًا له، وإغرابًا عليه؛ لئلا يتلقن منهما إكرام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورفع مرتبته، فيعظمه هو تقليداً لهما، لا اعتقادًا، ولهذا يقول المؤمن: هو رسول الله، ويقول المنافق: لا أدري، فـ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. انتهى (?).

(فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ) كلمة "أما" للتفصيل تتضمن معنى الشرط، فلذلك دخلت في جوابها الفاء، وهو قوله: "فيقول هو محمد" (أَوِ) للشكّ من فاطمة أيضاً (الْمُوقِنُ) أي: المصدّق بنبوّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال الباجيّ: والأظهر أنه "المؤمن"؛ لقوله: "فآمنا"، دون "أيقنّا"، ولقوله: "لمؤمن". انتهى.

وقوله: (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ) جملة معترضة بين "أمَّا" وجوابها، وهو قوله: (فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ، هُوَ رَسُولُ اللهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ) أي: المعجزات الدالة على نبوته (وَالْهُدَى) أي: الدلالة الموصلة إلى البغية، أو الإرشاد إلى الطريق الحق الواضح (فَأَجَبْنَا، وَأَطَعْنَا) أي: قبلنا نبوّته معتقدين حقيقتها، معترفين بها، وأطعناه فيما جاء به إلينا. وقوله: (ثَلَاثَ مِرَارٍ) منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي: يقول المؤمن هذا الجواب قولاً ثلاث مرّات، وإنما كرّره تأكيداً له (فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ) بفتح النون فعل أمر من نام ينام، كخاف يخاف، وأصله انوَم، نُقلت فتحة الواو إلى النون الساكنة، وحُذفت همزة الوصل؛ للاستغناء عنها، ثم قُلبت الواوألفاً؛ لتحرّكها بحسب الأصل، وانفتاح ما قبلها الآن، (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنَّكَ لَتُؤْمِنُ بِهِ) وفي بعض النسخ: "إنك لمؤمنٌ" (فَنَمْ صَالِحاً) منصوب على الحال، ومعنى "صالحاً" أي: منتفعاً بأعمالك، وأحوالك؛ إذ الصلاح كون الشيء في حدّ الانتفاع، ويقال: لا رَوْعَ عليك مما يُرَوَّع به الكفار، من عرضهم على النار، أو غيره من عذاب القبر، ويجوز أن يكون معناه: صالحاً لأن تُكْرَم بنعيم الجنة (?).

قال الباجيّ - رحمه الله -: أراد بالنوم العود لِمَا كان عليه من الموت، سمّاه نوماً لِمَا صَحِبه من الراحة، وصلاح الحال. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015