لأن صلاة الكسوف، وإن تعدّدت ركوعاتها، هي ركعتان، ومعلوم أن الفاتحة تقرأ في كلّ وكعة مرّة واحدة، لا مرّتين، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ انْحَدَرَ بالسُّجُودِ) لَمْ يذكر في هذه الرواية تطويل الرفع من الركوع الذي يعقبه السجود، لكن تقدّم في رواية جابر الماضية بلفظ: "ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد"، وادّعى النوويّ أنَّها شاذّة، وقد سبق أن الحقّ أنَّها زيادة صحيحة يجب قبولها (فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) تقدّم أنه قد ثبت إطالة السجود في حديث أسماء، وجابر بن سمرة، وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -، فتنبّه. (ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ أَيْضًا ثَلَاثَ رَكعَاتٍ) أي: ركوعات (لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ) أي: ركوع (إِلَّا الَّتِى قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّتِى بَعْدَهَا، وَرُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ) هذا في النسخ بنصب "نحوًا"، ووجهه أن يكون خبرًا لـ "كان" محذوفةً؛ أي: وكان ركوعه نحوًا من سجوده، وأشار في هامش بنسخة محمد ذهني إلى أنه وقع في بعض النسخ: "نحوٌ" بالرفع، وهو واضح.
(ثُمَّ تَأَخَّرَ) - صلى الله عليه وسلم - عن مكانه الذي يصلي فيه (وَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ): هو ابن أبي شيبة شيخه الأول (حَتَّى انْتَهَى إِلَى النِّسَاءِ) أي: صفّ النساء (ثُمَّ تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ) أي: في مكانه الذي كان يصلّي فيه قبل التأخّر.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، وضبط أصحابنا القليل بما دون ثلاث خطوات متتابعات، وقالوا: الثلاث متتابعات تبطلها، ويتاولون هذا الحديث على أن الخطوات كانت متفرقة، لا متوالية، ولا يصح تأويله على أنه كان خطوتين؛ لأن قوله: "انتهينا إلى النساء" يخالفه، وفيه استحباب صلاة الكسوف للنساء، وفيه حضورهنّ وراء الرجال. انتهى (?).
(فَانْصَرَفَ) أي: فرغ من الصلاة، وسلّم منها (حِينَ انْصَرَفَ، وَقَدْ آضَتِ