أنه مات في السنة العاشرة من الهجرة، فقيل: في ربيع الأول، وقيل: في رمضان، وقيل في ذي الحجة، والأكثر على أنَّها وقعت في عاشر الشهر، وقيل: في رابعه، وقيل: في رابع عشرة، ولا يصح شيء منها على قول ذي الحجة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذ ذاك بمكة في الحجِّ، وقد ثبت أنه شهد وفاته، وكانت بالمدينة بلا خلاف، نعم قيل: إنه مات سنة تسع، فإن ثبت يصحّ، وجزم النوويّ بأنها كانت سنة الحديبية، ويجاب بأنه كان يومئذ بالحديبية، ورجع منها في آخر الشهر.

وفيه ردّ على أهل الهيئة؛ لأنهم يزعمون أنه لا يقع في الأوقات المذكورة، وقد فَرَضَ الشافعيّ وقوع العيد والكسوف معًا، واعترضه بعض من اعتمد على قول أهل الهيئة، وانتدَبَ أصحاب الشافعيّ لدفع قول المعترض فأصابوا. انتهى (?).

(فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين في كلّ ركعة ثلاث ركوعات، وسجدتان، وهذا كما سبق يُرجح عليه رواية من قال: صلى بركوعين؛ لما سبق، وقوله: (بَدَأَ فَكَبَّرَ) بيان لكيفيّة صلاته تلك (ثُمَّ قَرَأَ، فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ) أي: ركوعًا طويلًا قريبًا من قيامه، ولم يثبت في الروايات بيان ما قاله من الأذكار في حال الركوع في تلك الصلاة، ولكنهم اتّفقوا على أنه لا قراءة فيها؛ لورود النهي عن ذلك، وإنما المشروع التسبيح والذكر (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءةِ الْأُولَى) أي: قرأ في القيام الثاني قراءة أقلّ من القراءة في القيام الأول، واتّفقوا على أنه يقرأ في القيام الأول الفاتحة وغيرها، واختلفوا في قراءة الفاتحة في القيام الثاني، فذهب مالك، والشافعيِّ، وأحمد إلى أنَّها لا تصحّ الصلاة إلَّا بقراءتها أيضًا؛ لأنَّها تُطلب قبل كلّ ركوع، وقال محمد بن مسلمة: لا يُعيد الفاتحة في القيام الثاني؛ لأنَّها ركعة واحدة، ولا تُقرأ الفاتحة فيها مرَّتين.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله محمد بن مسلمة هو الظاهر؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015