لكسوف الشمس، فلا وقت يحرم فيه صلاة أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا قول الشافعي ومن تبعه، وبه قال أبو ثور.
[والثالث]: إن انكسفت الشمس بعد العصر، فإنهم يُصلون كذلك ما لم تَدْنُ للغروب، وكذلك بعد الفجر ما لم يطلع حاجب الشمس إلى أن يكون قيد رمح، أو رمحين؛ لأنهما وقتان تُصلى فيهما الفوائت، والمكتوبات، وهذا قول إسحاق ابن راهويه.
[والرابع]: يصلى للكسوف إلا في الأوقات الثلاثة التي نهي عن الصلاة فيها، وهي وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت الزوال. وبه قال ابن المنذر.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ-، ومن تبعه أنها تصلى وقت ما حصل الانكساف من ليل أو نهار هو الأرجح؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا رأيتموهما فصلوا"، فقد أمر بالصلاة في أيّ وقت رأينا الانكساف، ولم يخص وقتاً دون وقت، وقد سبق في أبواب الأوقات ترجيح القول بأن ذوات الأسباب تجوز في أوقات الكراهة.
ويُرَجَّح هذا أيضًا - كما قال في "الفتح" -: بأن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل الانجلاء، وقد اتفقوا على أنها لا تُقضى بعد الانجلاء، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله، فيفوت المقصود.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: ولم أقف في شيء من الطرق مع كثرتها على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها إلَّا ضُحًى، لكن ذلك وقع اتفاقاً، ولا يدلّ على منع ما عداه، واتفقت الطرق على أنه بادر إليها. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في صلاة الكسوف للقمر: قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللهُ-: اختلفوا في الصلاة عند كسوف القمر، فرأت طائفة أن يُصَلَّى عند كسوف القمر، رَوَينا ذلك عن ابن عباس أنه فعل ذلك، وبه قال عطاء، والحسن البصريّ، وإبراهيم النخعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.