ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف، ولا كان له إبراهيمان، ومن نقل أنه مات عاشر الشهر، فقد كذب. انتهى كلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللهُ- (?).

وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "السيل الجرّار": "إذا تقرّر لك أن القضة واحدة عرفت أنه لا يصحّ ها هنا أن يقال كما قيل في صلاة الخوف: إنه يأخذ بأيّ الصفات شاء، بل الذي ينبغي ها هنا أن يأخذ بأصحّ ما ورد، وهو ركوعان في كلّ ركعة؛ لما في الجمع بين هذه الروايات من التكلّف البالغ". انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من بيان أقوال أهل العلم، وأدلتهم أن ما ذهب إليه الجمهور من أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان، هو الراجح؛ لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بذلك، والأحاديث التي تدلّ على خلاف ذلك كلّها منتقدة، لا تصلح لمعارضة هذه الأحاديث الصحيحة، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في صلاة الكسوف في أوقات الكراهة على أقوال:

[الأول]: لا صلاة فيها، بل يذكرون الله، ويدعون، هذا مذهب الحسن البصري، والزهريّ، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وعمرو بن شعيب، وابن أبي مُليكة، وإسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى، وقتادة، وأبي بكر بن عمرو بن حزم، وقال مالك: لا يُصَلِّي إلا في حين صلاة، وقال الثوري: لا يُصلى في الكسوف في غير وقت صلاة، وقال يعقوب: إذا انكسفت الشمس بعد العصر، فليس بساعة صلاة التطوع، ولكن الدعاء، والتضرع حتى تنجلي.

[والثاني]: متى انكسفت الشمس، نصفَ النهار، أو بعد العصر، أو قبل ذلك صلى الإمام بالناس صلاة الكسوف؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015