فهي تبع لها، فمهما اتفق وقوعه في الأولى بسبب بطء الانجلاء يقع مثله في الثانية ليساوي بينهما، ومن ثَمَّ قال أصبغ: إذا وقع الانجلاء في أثنائها يصلي الثانية كالعادة.

وعلى هذا فيدخل المصلي فيها على نية مطلق الصلاة، ويزيد في الركوع بحسب الكسوف، ولا مانع من ذلك.

وأجاب بعض الحنفية عن زيادة الركوع بحمله على رفع الرأس لرؤية الشمس، هل انجلت، أم لا؟ فإذا لم يرها انجلت رجع إلى ركوعه، ففعل ذلك مرة، أو مراراً، فظنّ بعض من رآه يفعل ذلك ركوعاً زائداً.

وتُعُقّب بالأحاديث الصحيحة في أنه أطال القيام بين الركوعين، ولو كان الرفع لرؤية الشمس فقط لم يحتج إلى تطويل، ولا سيما الأخبار الصريحة بأنه ذكر ذلك الاعتدال، ثم شرع في القراءة، فكلّ ذلك يردّ هذا الحمل، ولو كان كما زعم هذا القائل لكان فيه إخراج لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن العبادة المشروعة، أو لزم منه إثبات هيئة في الصلاة، لا عَهدَ بها، وهو ما فرّ منه. انتهى (?).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللهُ- في "منهاج السنة": حديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات وأكثر في مسلم من المواضع المنتقدة بلا ريب. انتهى. وقال في "التوسّل والوسيلة": لا يبلغ تصحيح مسلم تصحيح البخارفي، بل كتاب البخاريّ أجلّ ما صُنّف في هذا الباب، والبخاريّ من أعرف خلق الله بالحديث وعلله مع فقهه فيه، قال: ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاريّ مما صحّحه يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه، بخلاف مسلم، فإنه نوزع في عدّة أحاديث، مما خَرَّجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه، كما روى في حديث الكسوف أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى بثلاث ركوعات، وبأربع ركوعات، كما روى أنه صلى بركوعين، والصواب أنه لم يصلّ إلا بركوعين، وأنه لم يصلّ الكسوف إلا مرّةً واحدةً يوم مات إبراهيم - رضي الله عنه -، وقد بيّن ذلك الشافعيّ، وهو قول البخاريّ، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، والأحاديث التي فيها الثلاث، والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015