رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يجوز لامرأة أمرٌ في مالها إذا ملك زوجها عصمتها".

وبما خرّجه النسائيّ، وابن ماجه، من حديث أبي كامل، عن خالد؛ يعني: ابن الحارث، ثنا حسين، عن عمرو بن شعيب، أن أباه أخبره، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لامرأة عطية إلَّا بإذن زوجها".

قال البيهقيّ: الطريق إلى عمرو بن شعيب صحيح، فمن أثبت أحاديث عمرو بن شعيب، لزمه إثباته.

والجواب عنه من أوجه:

(أحدها): معارضته بالأحاديث الصحيحة الدالة على الجواز عند الإطلاق، وهي أقوى منه، فقُدِّمت عليه، وقد يقال: إنه واقعة حال، فيمكن حملها على أنها كانت قدر الثلث.

(الثاني): على تسليم الصحة إنه محمول على الأولى والأدب، ذكره الشافعيّ في "البويطيّ"، قال: وقد أَعْتَقَت ميمونة -رضي الله عنها-، فلم يَعِبِ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عليها، وكما يقال: ليس لها أن تصوم وزوجها حاضر، إلَّا بإذنه، فإن فَعَلت فصومها جائز، ومثله إن خرجت بغير إذنه، فباعت، فهو جائز.

(الثالث): الطعن فيه، قال الشافعيّ: هذا الحديث سمعناه، وليس بثابت، فيلزَمَنا أن نقول به، والقرآن يدل على خلافه، ثم الأمر، ثم المنقول، ثم المعقول.

قيل: أراد بالقرآن قوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237]، وقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وقوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، وقوله: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية [النساء: 6]، ولم يفرّق، فدلَّت هذه الآيات على نفوذ تصرفها في مالها دون إذن زوجها.

وقال -صلى الله عليه وسلم- لزوجة الزبير -رضي الله عنهما-: "ارضَخِي، ولا تُوعي، فيوعيَ اللهُ عليك"، متّفَقٌ عليه، وقال: "يا نساء المسلمات لا تَحْقِرَنّ جارة لجارتها، ولو فِرْسِن شاة"، واختلدت مولاة لصفية بنت أبي عبيد من زوجها من كل شيء، فلم يُنكر ذلك ابن عمر -رضي الله عنهما-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015