بلال، ولا من غيره، قال النوويّ: وهذا هو الصحيح في مذهبنا، وقال أكثر أصحابنا العراقيين: تفتقر إلى إيجاب وقبول باللفظ؛ كالهبة، والصحيح الأول، وبه جزم المحققون. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: اشتراط التلفّظ بالإيجاب والقبول في المعاملات؛ كالبيع والشراء فيه، والهبة والنكاح مما لا دليل عليه، والحقّ عدم الاشتراط، وقد حقّقته في "كتاب النكاح" من "شرح النسائيّ" فراجعه، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

6 - (ومنها): جواز صدقة المرأة من مالها بغير إذن زوجها، ولا يتوقف ذلك على ثُلُث مالها، قال النوويّ: هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقال مالك: لا يجوز الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها، ودليلنا من الحديث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يسألهنّ، استأذنّ أزواجهنّ في ذلك أم لا؟ ، وهل هو خارج من الثلث أم لا؟ ، ولو اختلف الحكم بذلك لسأل، وأشار القاضي إلى الجواب عن مذهبهم بأن الغالب حضور أزواجهنّ، فتركهم الإنكار يكون رضاء بفعلهنّ، وهذا الجواب ضعيف، أو باطلٌ؛ لأنهنّ كنّ معتزلات، لا يعلم الرجال مَنِ المتصدقة منهنّ من غيرها؟ ولا قدر ما تتصدق به، ولو علموا فسكوتهم ليس إذنًا. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ.

وعبارة "الفتح": واستُدِلّ به على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها، أو على مقدار معين من مالها؛ كالثلث، خلافًا لبعض المالكية، ووجه الدلالة من القصّة ترك الاستفصال عن ذلك كلّه، قال القرطبيّ: ولا يقال في هذا: إن أزواجهن كانوا حُضُورًا؛ لأن ذلك لم يُنْقَل، ولو نُقِل فليس فيه تسليم أزواجهنّ لهنّ ذلك؛ لأن مَن ثبت له الحقّ فالأصل بقاؤه حتى يُصَرِّح بإسقاطه، ولم يُنقل أن القوم صَرَّحُوا بذلك. انتهى. وأما كونه من الثلث فما دونه، فإن ثبت أنهنّ لا يجوز لهنّ التصرف فيما زاد على الثلث لم يكن في هذه القصة ما يدلّ على جواز الزيادة. انتهى.

وقال في "العمدة": [أفإن قلت]: احتجّ مالك ومن تبعه في ذلك بما خرّجه أبو داود، من حديث موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن داود بن أبي هند، وحبيب المعلِّم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015