شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- أنه (قَالَ: شَهِدْتُ) بكسر الهاء، من باب علِمَ يعلَم، يقال: شَهِدتُ العيد: بمعنى أدركته، وشَهِدت المجلس: حضرته (?). (صَلَاةَ الْفِطْرِ) منصوب على المفعوليّة، والإضافة من إضافة الشيء إلى سببه (مَعَ نَبِي اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَبِي بَكْرٍ) الصدّيق -رضي الله عنه- (وَعُمَرَ) بن الخطّاب -رضي الله عنه- (وَعُثْمَانَ) بن عفّان -رضي الله عنه- (فَكُلُّهُمْ يُصَفَيهَا) هكذا رواية المصنّف بالإفراد، وهو صحيح؛ نظرًا للفظ "كلّ" فإنه مفرد؛ أي: يصلّي كل منهم صلاة الفطر، وفي رواية البخاريّ: "يصلّونها" بضمير الجمع، وهو ظاهرًا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ) بعد الصلاة (قَالَ) ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: (فَنَزَلَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي: من منبره إلى الأرض.
[تنبيه]: قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ ما حاصله: نزوله -صلى الله عليه وسلم- إلى النساء في خطبته كان في أول الإسلام؛ تأكيدًا لبيعة الإسلام، وهو خاصّ به -صلى الله عليه وسلم-، فليس للأئمة فعله، ولا يُباح لهم قطع الخطبة بنزول لوعظ النساء، ومن بَعُدَ من الرجال، وقول عطاء: "إن ذلك لحقّ على الأئمة، وما لهم لا يفعلونه" غير موافق عليه. انتهى خلاصة كلام القاضي رحمهُ اللهُ.
قال الجامع عفا الله عنه: في كلام القاضي عياض رحمهُ اللهُ هذا مؤاخذات:
(الأولى): قوله: "نزوله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته" هذا غير صحيح، بل نزوله كان بعد فراغه من خطبته، فسيأتي في حديث جابر -رضي الله عنه-، ولفظه: "ثم خطب الناس، فلما فرغ نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- نزل، وأتى النساء ... " الحديث، فقد صرّح بأن نزوله كان بعد الفراغ، فتبصّر.
(الثانية): قوله: "كان في أول الإسلام، وهو خاصّ به -صلى الله عليه وسلم-" فيه نظرٌ؛ فمن أين دعوى الخصوصيّة؟ ، فهل له عليه حجة، فتبصّر.
(الثالثة): قوله: "ولا يباح لهم قطع الخطبة بنزول ... إلخ" فيه نظر