الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَبِبَيْعِ نِصْفِهَا رَجَعَ بِالنِّصْفِ كَعَدَمِ بَيْعِ شَيْءٍ) لِأَنَّ الْمَانِعَ وُجِدَ فِي الْبَعْضِ فَيَمْتَنِعُ بِقَدْرِهِ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النِّصْفِ وَالْعَيْنُ كُلُّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ فِي الْكُلِّ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ أَوْ بَعْضَهُ
(قَوْلُهُ وَالزَّايُ الزَّوْجِيَّةُ) أَيْ الزَّوْجِيَّةُ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الصِّلَةُ أَيْ الْإِحْسَانُ كَمَا فِي الْقَرَابَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْمَهْرِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَتْ أَيْضًا ثُمَّ افْتَرَقَا بَعْدَ الزِّفَافِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَأَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ وَأَرَادَتْ الِاسْتِرْدَادَ أَيْضًا يَسْتَرِدُّ كُلَّ مَا أَعْطَى لِأَنَّ الْمَرْأَةَ زَعَمَتْ أَنَّ الْإِعْطَاءَ كَانَ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ لَمْ تَثْبُتْ الْهِبَةُ فَلَا يَثْبُتُ الْعِوَضُ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِزَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فِي الْهِبَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ وَهَبَ ثُمَّ نَكَحَ رَجَعَ وَبِالْعَكْسِ لَا) أَيْ لَوْ نَكَحَ ثُمَّ وَهَبَ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الْهِبَةِ وَفِي الْأَوَّلِ لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً بِخِلَافِ الثَّانِي وَلِهَذَا لَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ الْهِبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الصَّرْفِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُخَالِفُ الْهِبَةَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ كَالشَّهَادَةِ وَالْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ وَالْقَافُ الْقَرَابَةُ فَلَوْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ) لِحَدِيثِ الْحَاكِمِ مَرْفُوعًا «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا» وَصَحَّحَهُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمَفْهُومُ شَرْطِهِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِالْمَفَاهِيمِ وَأَئِمَّتُنَا وَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ لَكِنْ صُرِّحَ بِهِ فِي أَثَرِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ذِي رَحِمٍ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُثَابَ مِنْهَا خَرَّجَهُ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ وَلِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ وَهُوَ صِلَةُ الرَّحِمِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمَحْرَمَ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَيَّدَ بِالرَّحِمِ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ بِلَا رَحِمٍ كَأَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَقَيَّدَ بِالْمَحْرَمِ لِأَنَّ الرَّحِمَ بِلَا مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمِّهِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَفِي ذِكْرِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ تَفْسِيرِهَا بِالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِرَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ وَهَبَ لِابْنِ عَمِّهِ وَهُوَ أَخُوهُ رَضَاعًا وَخَرَجَ مَا لَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ أَوْ لِأَخِيهِ وَهُوَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَقَعْ فِيهَا لِلْقَرِيبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ أَحَقُّ بِمَا وُهِبَ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَقَالَا لَا يَرْجِعُ فِي الْأُولَى وَيَرْجِعُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِأَيِّهِمَا وَقَعَتْ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ عَجَزَ قَرِيبُهُ الْمُكَاتَبُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْجِعُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ عَتَقَ لَا رُجُوعَ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ قَرِيبًا لِلْوَاهِبِ رَجَعَ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ عَتَقَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَلَوْ وَهَبَ لِأَخِيهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ شَيْئًا فَقَبَضَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ
(قَوْلُهُ وَالْهَاءُ الْهَلَاكُ) يَعْنِي: هَلَاكُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ مَانِعٌ وَأَمَّا هَلَاكُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَقَدْ قَدَّمَهُ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ فَلَوْ ادَّعَاهُ صُدِّقَ) أَيْ لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْمَوْهُوبِ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ قَيَّدَ بِدَعْوَى الْهَلَاكِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ وَأَنْكَرَهُ الْوَاهِبُ يُسْتَحْلَفُ الْوَاهِبُ عِنْدَ الْكُلِّ لِأَنَّهُ ادَّعَى بِسَبَبِ النَّسَبِ مَالًا لَازِمًا فَكَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَهُ دُونَ النَّسَبِ ذَكَرَهُ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْلَافِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ صُدِّقَ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ هِيَ هَذِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ هَذِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ) لِأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي أَصْلِهِ وَهِيَ وَفِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَعَدَمِهِ خَفَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بِالرِّضَا أَوْ بِالْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ نَفَذَ وَلَوْ مَنَعَهُ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهِ.
وَكَذَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ أَوَّلَ الْقَبْضِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَهَذَا دَوَامٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ بَعْدَ طَلَبِهِ لِأَنَّهُ تَعَدِّي وَإِذَا رَجَعَ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالتَّرَاضِي يَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ قَبْضُ الْوَاهِبِ وَيَصِحُّ فِي الشَّائِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ) كَأَنْ يَكُونَ أَخُوهُ مِنْ أَبِيهِ مَمْلُوكًا لِأَخِيهِ مِنْ أُمِّهِ