شَرَائِطِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ فَلَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ وَكَتَبْنَا فِي فَوَائِدِ كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهَا تُقَامُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي وَارِثٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَتُقَامُ عَلَيْهِ لِلتَّعَدِّي، وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ فَبَرْهَنَ الْوَصِيُّ، وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ زِدْت الْآنَ رَابِعًا مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الرَّاجِعُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ إذْ الْحُكْمُ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى أَنْ يُثْبِتَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقَ لِيُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَفِيهِ لَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لَهُ يُقْضَى لَهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى الْمُنْكِرِ لَا عَلَى الْمُقِرِّ. اهـ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّعُ الضَّرَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا. اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ مَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَلَزِمَ السُّكُوتَ فَلَمْ يَجِبْ أَصْلًا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ ثُمَّ سَأَلَ جِيرَانَهُ عَسَى بِهِ آفَةٌ فِي لِسَانِهِ أَوْ سَمْعِهِ فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهُ لَا آفَةَ بِهِ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَإِنْ سَكَتَ، وَلَمْ يُجِبْ يُنْزِلُهُ مُنْكِرًا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ هَذَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُجِيبَ. اهـ.

وَفِي رَوْضَةِ الْفُقَهَاءِ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ لَا يَكُونُ مُنْكِرًا بِلَا خِلَافٍ. اهـ.

وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فَلِذَا أَفْتَيْت بِأَنْ يُحْبَسَ إلَى أَنْ يُجِيبَ، وَفِي الْمَجْمَعِ، وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ، وَلَا أُنْكِرُ فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُهُ قَالَ الشَّارِحُ بَلْ يُحْبَسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَقَالَا يُسْتَحْلَفُ، وَفِي الْبَدَائِعِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْكَارٌ. اهـ.

وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ الْأَشْبَهَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ السَّاكِتَ لَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إلَّا فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرُ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ بِطَلَبِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُدَّعِي «أَلَكَ بَيِّنَةٌ فَقَالَ لَا فَقَالَ لَك يَمِينُهُ» سَأَلَ وَرَتَّبَ الْيَمِينَ عَلَى فُقْدَانِ الْبَيِّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِحْلَافُ، وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ، قَيَّدَ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ حَلَفَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْقَاضِي فَهَذَا لَيْسَ بِتَحْلِيفٍ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي وَيَكُونَ بَرِّيًّا فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ يُقْبَلُ، وَإِلَّا يَحْلِفُ ثَانِيًا عِنْدَ الْقَاضِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ إبْرَاءَ الْمُدَّعِي عَنْ التَّحْلِيفِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِكَوْنِهِ حَقَّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي حَلَّفَهُ فِي مَجْلِسِ قَاضٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَوْمٍ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ ثَانِيًا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ أَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ إنَّهُ حَلَّفَنِي عَلَى هَذَا الْمَالِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَبْرَأَنِي عَنْهُ إنْ بَرْهَنَ قُبِلَ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الدَّعْوَى، وَإِلَّا قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ: انْقَلَبَ الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ انْدَفَعَ الدَّعْوَى، وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُدَّعِي عِنْدَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَحْلِفُ بِلَا طَلَبٍ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِي: الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيتُ بِالْعَيْبِ وَالشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك وَالْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ تَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا خَلَّفَ لَك زَوْجُك الْغَائِبُ شَيْئًا، وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ. وَالرَّابِعُ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بِعْت، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَلْقِينِ الشَّاهِدِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِلَا طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ مِنْ الْمَدْيُونِ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ، وَلَا قَبَضَهُ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك، وَلَا أَبْرَأْتَهُ مِنْهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا أَحَلْتَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا، وَلَا عِنْدَك بِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ وُجُودِ الْبُرْهَانِ قُلْت إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى تَحْلِيفُ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إنْ بَرْهَنَ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّهُ عِنْدَ دَعْوَاهُ الْإِبْرَاءَ صَارَ مُدَّعِيًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ) سَيَأْتِي بَيَانُهَا قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ، وَقُضِيَ لَهُ إنْ نَكَلَ مَرَّةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015