هَذَا الْقَبِيلِ وَهُوَ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الرَّجْعَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مِنْ قِسْمِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَتَعْلِيقُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِالشَّرْطِ يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ الصُّغْرَى وَلَا يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ لَكِنْ قَالَ فِي رِوَايَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الَّذِي يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّمْلِيكِ وَالْعَزْلُ لَيْسَ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فَيَجِبُ إلْحَاقُهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي، وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ الظَّفَرَ بِالنَّقْلِ فِي الرَّجْعَةِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ مُوَافِقًا لِمَا قُلْتُهُ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ عَزْلِ الْقَاضِي اخْتِلَافًا فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ إذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت مَعْزُولٌ يَنْعَزِلُ بِوُصُولِهِ وَقِيلَ لَا. اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ صَرِيحًا أَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

قَوْلُهُ (وَالِاعْتِكَافُ) بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ إنْ شَفَى اللَّهُ تَعَالَى مَرِيضِي أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، كَذَا ذَكَرَ الْعَيْنِيُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِكَافِ النَّذْرُ بِهِ وَالْتِزَامُهُ لِيَكُونَ قَوْلًا يُمْكِنُ تَعْلِيقُهُ وَعِنْدِي أَنَّ ذِكْرَهُ هَذَا فِي هَذَا الْقِسْمِ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ كَوْنِهِ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَمِنْ كَوْنِهِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، أَمَّا الثَّانِي فَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَابُ الِاعْتِكَافِ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَ فَعَلَيْهِ اعْتِكَافُ شَهْرٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. اهـ.

فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ. اهـ.

لَكِنَّهُ ذَكَرَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ، وَذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ وَتَعْلِيقُ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ جَعَلَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَعَزَاهُ إلَى الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَةٍ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ هُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْعَيْنِيِّ كَيْفَ مَشَى هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ الِاعْتِكَافِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ يُعَلِّقَهُ بِشَرْطٍ فَيَقُولُ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي. اهـ.

فَقَدْ أَتَى بِعَيْنِ مَا مَثَّلَ بِهِ هُنَا وَتَنَاقَضَ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْمَنْذُورِ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَيِّ عِبَادَةٍ كَانَتْ حَتَّى أَنَّ الْوَقْفَ كَمَا سَيَأْتِي لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ عَلَّقَ النَّذْرَ بِهِ بِشَرْطٍ صَحَّ التَّعْلِيقُ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ فِي النَّذْرِ بِالصَّدَقَةِ رَجُلٌ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ إنْ وَجَدْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقِفَ أَرْضِي عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَوَجَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ؛ لِأَنَّ هَذَا نَذْرٌ وَالْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ وَاجِبٌ، وَقَالَ قَبْلَهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَدَخَلَ الدَّارَ وَهُوَ يَنْوِي بِدُخُولِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَدَخَلَ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَمِينٌ وَالْيَمِينُ لَازِمٌ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهَا، فَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا بِجِهَةِ الْيَمِينِ. اهـ.

فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْمَنْذُورَ الْمُعَلَّقَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ وَحِينَئِذٍ صَحَّ التَّعْلِيقُ وَبِهَذَا ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ الشَّارِحِينَ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَحْلِفُ بِهِ وَصَرَّحَ فِي النَّذْرِ بِالصَّوْمِ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مَشْرُوعَةٌ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَجَبَ فَعَجَّلَ شَهْرًا قَبْلَهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النَّذْرَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ فَسَادُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ عَزَلْت فُلَانًا عَنْ الْوَكَالَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي خُلْعَةً وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْطِي الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ لِأَجْلِ الْعَزْلِ شَيْئًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ لِفَسَادِ الْعَزْلِ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ عَزَلْتُك غَدًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. اهـ.

فَقَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِهِ بِالشَّرْطِ إذْ لَوْ صَحَّ الْعَزْلُ لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ بَاقِيَةً عَلَى أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَدَمُ بُطْلَانِهِ بِالشَّرْطِ فَذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ لَيْسَ بِخَطَأٍ بَلْ صَحِيحٌ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّرْجَمَةَ قَاعِدَتَانِ لَا وَاحِدَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015