عَلَيْك لَا يَبْرَأُ. اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَمَهْرِي عَلَيْك صَدَقَةٌ أَوْ أَنْت فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ كَانَ مَهْرُهَا عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا تَصِحُّ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَوْتِ الدَّائِنِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ وَارِثًا لَهُ وَعَلَّقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى قَالَ الْمَدْيُونُ دَفَعْت إلَى فُلَانٍ فَقَالَ إنْ كُنْت دَفَعْت إلَيْهِ فَقَدْ أَبْرَأْتُك صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِأَمْرٍ كَائِنٍ. اهـ.

وَمِنْ فُرُوعِ عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْخَصْمِ إنْ حَلَفْت فَأَنْت بَرِيءٌ فَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِخَطَرٍ وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْهِبَةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا وَهَبْت مَهْرِي مِنْك عَلَى أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ تَتَزَوَّجُهَا تَجْعَلُ أَمْرَهَا بِيَدِي فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ وَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَتْ الْهِبَةُ، ثُمَّ إنْ فَعَلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ كَمَنْ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا وَهَبْت مَهْرِي إنْ لَمْ تَظْلِمْنِي فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ الْهِبَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِالشَّرْطِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ وَهَبْت مِنْك مَهْرِي عَلَى أَنْ لَا تَظْلِمَنِي فَقَبِلَ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِالْقَبُولِ، فَإِذَا قَبِلَتْ تَمَّتْ الْهِبَةُ فَلَا يَعُودُ الْمَهْرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَدْخُلْ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَالَتْ قَبِلْت وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِي مَسْأَلَةِ الظُّلْمِ مَهْرُهَا عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ إذَا ظَلَمَهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ بِالْهِبَةِ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ، فَإِذَا فَاتَ الشَّرْطُ فَاتَ الرِّضَا، أَمَّا الطَّلَاقُ فَالرِّضَا فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إذَا تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُجَّ بِهَا كَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَجِّ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الظُّلْمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجِّ لَمَّا شَرَطَتْ الْحَجَّ بِهَا فَقَدْ شَرَطَتْ نَفَقَةَ الْحَجِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِوَضُ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ، أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الظُّلْمِ شَرَطَتْ عَلَيْهِ تَرْكَ الظُّلْمِ وَتَرْكُ الظُّلْمِ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ثُمَّ ذُكِرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَظْلِمَهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ، ثُمَّ ضَرَبَهَا وَأَجَابَا كَمَا ذُكِرَ وَعِنْدِي إذَا ضَرَبَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إذَا ضَرَبَهَا لِتَأْدِيبٍ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا لَا يَعُودُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ حَقًّا لَا يَكُونُ ظُلْمًا.

امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِيَقْطَعَ لَهَا فِي كُلِّ حَوْلٍ ثَوْبًا مَرَّتَيْنِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ فَمَضَى حَوْلَانِ وَلَمْ يَقْطَعْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْهِبَةِ فَمَهْرُهَا عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِوَضُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْهِبَةِ سَقَطَ مَهْرُهَا وَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحْسِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ.

رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِك حَتَّى أَهَبَ لَك كَذَا فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ أَبَى الزَّوْجُ أَنْ يَهَبَ مِنْهَا مَا قَالَ كَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ.

امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقَّتَ لِلْإِمْسَاكِ وَقْتًا لَا يَعُودُ مَهْرُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ وَقَّتَ وَقْتًا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ فَقِيلَ لَهُ إذَا لَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا كَانَ قَصْدُهَا أَنْ يُمْسِكَهَا مَا عَاشَ قَالَ نَعَمْ إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا رَجُلٌ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَقَبِلَتْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِزَمَانٍ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ.

امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ قَالَ خَلَفٌ صَحَّتْ الْهِبَةُ طَلَّقَهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ الْمَدِينِ فَإِنَّهُ إبْرَاءٌ مَحْضٌ فَيَبْقَى مُعَلَّقًا عَلَى مَا فِيهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: كَانَ مَهْرُهَا عَلَى زَوْجِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ تَصِحُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُهُ وَارِثًا. اهـ.

وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ إلَخْ مَعَ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَرَثَةٌ غَيْرُهُ لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لَمْ يُجْعَلْ التَّعْلِيقُ بِمَوْتِ الدَّائِنِ مُخَاطَرَةً بَلْ جُعِلَ وَصِيَّةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُخَاطَرَةِ هُنَا كَوْنُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ مِمَّنْ تَصِحُّ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِأَنْ يُطْلِقَهَا وَيَصِيرُ أَجْنَبِيًّا أَوْ تُجِيزُ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى قَالَ الْمَدْيُونُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَرِئَ إذَا عَلَّقَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ فَتَنَجَّزَ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015