بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَالْمَذْكُورُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الرَّجْعَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ وَلَا إضَافَتُهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِهِ وَأَصْلُ النِّكَاحِ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِذِكْرِ الرَّجْعَةِ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بَلْ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَبَّهَ عَلَى هَذَا، وَقَدْ تَوَقَّفْت فِي تَخْطِئَةِ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ جَزَمْت بِهَا وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَذْكُرَ الرَّجْعَةَ مَعَ النِّكَاحِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ وَافَقَهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ كِتَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ كَالنِّكَاحِ. اهـ.
فَلَوْ كَانَتْ تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ تَصِحَّ مَعَ الْهَزْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْل تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْهَزْلِ مِنْ قِسْمِ الْعَوَارِضِ وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَتَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
قَوْلُهُ (وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ) أَيْ بِمَالٍ بِأَنْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُسْكِنَنِي فِي الدَّارِ مَثَلًا سَنَةً أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعًا كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْعًا إذَا كَانَ الْبَدَلُ خِلَافَ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى فَهُوَ حَطٌّ وَإِبْرَاءٌ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِهِ فَهُوَ قَبْضٌ وَاسْتِيفَاءٌ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ فَضْلٌ وَرِبًا كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصُّلْحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّصَ هُنَا وَظَاهِرُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْإِطْلَاقُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ صَالَحَ عَلَى مِائَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَلَيَّ مِائَتَيْنِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ إلَى شَهْرٍ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَحْطُوطِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِعْطَاءِ تِسْعُ مِائَةٍ وَعَلَى تَقْدِير عَدَمِهِ ثَمَانِ مِائَةٍ اهـ.
قَوْلُهُ (وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ قَيَّدَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْكَفَالَةِ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَقَوْلِهِ إنْ وَافَيْت بِهِ غَدًا فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَوَافَاهُ بِهِ بَرِئَ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ. مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لَا تَمْلِيكٌ ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَائِمٍ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلٍ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ، وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك جَازَ وَتَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الطَّالِبِ لِلْمَطْلُوبِ، وَلَوْ قَالَ إنْ مِتّ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطِرُهُ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت بَرِيءٌ مِمَّا لِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْتَ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ لَا تَدْخُلُ وَحِينَئِذٍ فَلَا خَطَأَ فِي كَلَامِ الْمَاتِنِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا الْعَيْنِيَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ مِمَّا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ الْبَحْثِ مِنْ الْأَصْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ إلَخْ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ وَكَذَا إضَافَتُهَا إلَى مُسْتَقْبَلٍ كَالنِّكَاحِ كَمَا إذَا قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْلِفُ بِالرَّجْعَةِ يَقُولُ الْحَقِيرُ فِي إطْلَاقِ كَلَامِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فِي الرَّجْعَةِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَيَحْلِفُ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي فَصْلِ التَّحْلِيفِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. كَلَامُ نُورِ الْعَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُحْلَفُ بِهِ كَالْحَجِّ فَيُقَالُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ حَجٌّ وَالرَّجْعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فَكَوْنُهَا مِمَّا يُحْلَفُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِنْكَارِ كَالْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ لَيْسَ مِنْ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَكَوْنُهُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى بُطْلَانِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي. اهـ.
قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ النَّهْرِ مِنْ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ لَكِنْ فِي الْحَوَاشِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْإِيضَاحِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ أَبْرَأْت ذِمَّتَك عَنْ دَيْنِي بِشَرْطِ أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي رَدِّ الْإِبْرَاءِ وَتَصْحِيحِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك. اهـ.
أَقُولُ: وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَذِكْرُهُ هُنَا مُنَاسِبٌ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُخَاطَرَةَ فِي مَوْتِهِ مَدْيُونًا وَإِلَّا فَالْمَوْتُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ الدَّائِنِ فَإِنَّ فِيهِ مُخَاطَرَةً مِنْ حَيْثُ مَوْتِهِ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى مَوْتِهِ يُجْعَلُ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ