امْرَأَةٌ وَضَعَتْ مِلَاءَتَهَا وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَوَضَعَتْ مِلَاءَتَهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْأُولَى وَأَخَذَتْ مِلَاءَةَ الثَّانِيَةِ وَذَهَبَتْ لَا يَنْبَغِي لِلثَّانِيَةِ أَنْ تَنْتَفِعَ بِمِلَاءَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ تَتَصَدَّقَ هِيَ بِهَذِهِ الْمِلَاءَةِ عَلَى ابْنَتِهَا إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبَتِهَا إنْ رَضِيَتْ ثُمَّ تَهَبُ الِابْنَةُ الْمِلَاءَةَ مِنْهَا فَيَسَعُهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فَكَانَ سَبِيلُهَا التَّصَدُّقَ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يَحِلُّ لَهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمُكَعَّبِ إذَا سَرَقَ اهـ.
وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُكَعَّبُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَجْوَدَ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّكَلُّفِ لِأَنَّ أَخْذَ الْأَجْوَدِ وَتَرْكَ الْأَدْوَنِ دَلِيلُ الرِّضَا بِالِانْتِفَاعِ بِالْأَدْوَنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ اللُّقَطَةِ مِنْ جِهَةِ جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِهَا قَبْلَ التَّعْرِيفِ وَكَأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ جَوَّزُوا الِانْتِفَاعَ لِلْحَالِ فِي مَسْأَلَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ هِيَ لَوْ مَاتَ غَرِيبٌ فِي دَارِ رَجُلٍ وَمَعَهُ قَدْرُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا فَلَهُ ذَلِكَ كَاللُّقَطَةِ اهـ.
وَلَمْ يُصَرِّحَا بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَإِذَا مَاتَ الْغَرِيبُ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ كَانَ حُكْمُ تَرِكَتِهِ كَحُكْمِ اللُّقَطَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَالًا كَثِيرًا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ الْبَحْثِ وَالْفَحْصِ عَنْ وَرَثَتِهِ سِنِينَ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَرِيبٌ مَاتَ فِي دَارِ رَجُلٍ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَخَلَفَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَصَاحِبُ الدَّارِ فَقِيرٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا هـ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَمَامِ فَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ مُحْصَنَةُ حَمَامٍ اخْتَلَطَ بِهَا أَهْلِيٌّ لِغَيْرِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ طَلَبَ صَاحِبَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللُّقَطَةِ فَإِنْ فَرَّخَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ غَرِيبَةً لَا يَتَعَرَّضُ لِفَرْخِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ لِصَاحِبِ الْمُحْصَنَةِ وَالْغَرِيبُ ذَكَرٌ فَالْفَرْخُ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فَأَوْكَرَتْ فِيهِ حَمَامُ النَّاسِ فَمَا يَأْخُذُ مِنْ أَفْرَاخِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ لِحَاجَتِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي وَيَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ شَيْخُنَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَكَانَ مُولَعًا بِأَكْلِ الْجَوَازِلِ وَمُحْصَنَةُ الْحَمَامِ بُرْجُهُ وَأَوْكَرَتْ اتَّخَذَتْ وَكْرًا وَهُوَ بَيْتُ الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ وَالْمُولَعُ الْحَرِيصُ وَالْجَوَازِلُ جَمْعُ جَوْزَلٍ وَهُوَ فَرْخُ الْحَمَامِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ يَمْشِي فِي السُّوقِ وَيَنْفُخُ فِي التُّرَابِ فَوَجَدَ عَدْلِيَّةً أَوْ فَلْسًا أَوْ ذَهَبًا لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ ثُمَّ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا ثُمَّ رَقَّمَ لِآخَرَ أَمَّا الْفَلْسُ وَالْعَدْلِيَّةُ فَيُبَاحُ لَهُ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَفِي الزِّيَادَةِ لَا وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ فِي الْعَدْلِيَّةِ وَالْفَلْسِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَأْخُوذُ بِهِ أَنَّ لِلْمَأْمُورِ بِالنِّثَارِ سُكَّرًا أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يَحْبِسَ لِنَفْسِهِ مِقْدَارَ مَا يَحْبِسُهُ النَّاسُ وَأَنْ يَلْتَقِطَ وَمَنْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ أَوْ ذَيْلِهِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ غَيْرُهُ إنْ هَيَّأَهُ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْآخِذِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة سَارِقٌ دَفَعَ لِرَجُلٍ مَتَاعًا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفَ صَاحِبَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَلَا يُرَدُّ إلَى السَّارِقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .
كُلٌّ مِنْ الْإِبَاقِ وَاللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ عُرْضَةُ الزَّوَالِ وَالتَّلَفِ إلَّا أَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٌ فِي الْإِبَاقِ، فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَعْقِيبَ الْجِهَادِ بِهِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ، وَكَذَا الْأَوْلَى فِيهِ وَفِي اللُّقَطَةِ التَّرْجَمَةُ بِالْبَابِ لَا بِالْكِتَابِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ خَوْفَ التَّلَفِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ فِي اللَّقِيطِ أَكْثَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِبَاقِ]