الْإِيضَاحِ وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ عِتْقُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَرِيبَهُ بَاطِلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا.

أَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ وَخَلَّاهُ فَفِي الْمُخْتَلَفِ قَالَ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَقَالَا لَا وَلَاءَ لَهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا بِالْإِعْتَاقِ، ثُمَّ قَالَ الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ ثَمَّةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِدُونِ التَّخْلِيَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَعْتِقُ بِدُونِهَا وَلَا وَلَاءَ لَهُ عِنْدَهُمَا قِيَاسًا وَلَهُ الْوَلَاءُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ عَبْدُهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلِاسْتِرْقَاقِ بِالِاسْتِيلَاءِ اهـ.

وَالصَّبِيُّ جُعِلَ أَهْلًا لِهَذَا الْعِتْقِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ حَتَّى عَتَقَ الْقَرِيبُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَشَابَهُ النَّفَقَةَ وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ حُبْلَى مِنْ أَبِيهِ وَالْأَمَةُ لِغَيْرِ أَبِيهِ جَازَ الشِّرَاءُ وَعَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تَعْتِقُ الْأَمَةُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا إذَا وَضَعَتْ وَإِنَّمَا عَتَقَ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ أُخْوَةُ، وَقَدْ مَلَكَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّ الْحَمْلَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِمْ وَبِمِلْكِ قَرِيبٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ قَبْلَ الْوَضْعِ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا الْحَمْلُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْمَمْلُوكِ حَتَّى لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لَا يَعْتِقُ الْحَمْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِلْكِ فَشَمِلَ مَا إذَا بَاشَرَ سَبَبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ فَدَخَلَ مَا إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ لَا يَعْتِقُ مَا اشْتَرَاهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَشَمِلَ الْكُلَّ وَالْبَعْضَ فَإِذَا مَلَكَ بَعْضَ قَرِيبِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَبِتَحْرِيرٍ لِوَجْهِ اللَّهِ وَلِلشَّيْطَانِ وَلِلصَّنَمِ) أَيْ يَصِحُّ الْعِتْقُ بِتَحْرِيرٍ هُوَ عِبَادَةٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ هُوَ الرُّكْنُ الْمُؤَثِّرُ فِي إزَالَةِ الرِّقِّ، وَصِفَةُ الْقُرْبَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِتْقَ وَالْكِتَابَةَ بِالْمَالِ مَشْرُوعَانِ وَإِنْ عَرِيَا عَنْ صِفَةِ الْقُرْبَةِ فَلَا يَنْعَدِمُ بِعَدَمِهَا أَصْلُ الْعِتْقِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ لِلصَّنَمِ إنَّمَا هُوَ صَادِرٌ مِنْ كَافِرٍ، أَمَّا إذَا صَدَرَ مِنْ مُسْلِمٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ أَنْوَاعَهُ أَرْبَعَةٌ فَرْضٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ وَمَعْصِيَةٌ، وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْإِعْتَاقَ قَدْ يَقَعُ مُبَاحًا لَا قُرْبَةً بِأَنْ أَعْتَقَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ أَعْتَقَ لِوَجْهِ فُلَانٍ، وَقَدْ يَقَعُ مَعْصِيَةً بِأَنْ أَعْتَقَهُ لِوَجْهِ الشَّيْطَانِ اهـ.

فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ لِآدَمِيٍّ وَبَيْنَ الْإِعْتَاقِ لِلشَّيْطَانِ وَعَلَّلَ حُرْمَةَ الْإِعْتَاقِ لِلشَّيْطَانِ بِأَنَّهُ قَصَدَ تَعْظِيمَهُ، وَكَذَا الْعِتْقُ بِلَا نِيَّةٍ مُبَاحٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مِنْ الْإِعْتَاقِ الْمُحَرَّمِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَعْتَقَهُ يَذْهَبُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ يَرْتَدُّ أَوْ يَخَافُ مِنْهُ السَّرِقَةَ وَقَطْعَ الطَّرِيقِ وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ مَعَ تَحْرِيمِهِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ هَذَا وَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ مَا لَمْ يَخَفْ مَا ذَكَرْنَا أَجْرٌ لِتَمْكِينِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْآيَاتِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَا يُزِيلُ الشُّبْهَةَ عَنْهُ.

أَمَّا مَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَغْلَى ثَمَنًا مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ عِتْقُهُ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ الْمُسْلِمِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَفْضَلُهَا أَغْلَاهَا» بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ فَبَعِيدٌ عَنْ الصَّوَابِ، وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِالْأَعْلَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ تَمْكِينُ الْمُسْلِمِ مِنْ مَقَاصِدِهِ وَتَفْرِيغُهُ، أَمَّا مَا يُقَالُ فِي عِتْقِ الْكَافِرِ مِمَّا ذَكَرْنَا فَهُوَ احْتِمَالٌ يُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ رُسُوخُ الِاعْتِقَادَاتِ وَإِلْفُهَا فَلَا يُرْجَعُ عَنْهَا، وَكَذَا نُشَاهِدُ الْأَحْرَارَ بِالْأَصَالَةِ مِنْهُمْ لَا يَزْدَادُونَ إلَّا ارْتِبَاطَ بَقَاءِ يَدِهِمْ فَضْلًا عَمَّنْ عَرَضَتْ حُرِّيَّتُهُ نَعَمْ الْوَجْهُ الظَّاهِرُ فِي اسْتِحْبَابِ عِتْقِهِ تَحْصِيلُ الْجِزْيَةِ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، أَمَّا تَفْرِيغُهُ لِلتَّأَمُّلِ فَيُسَلَّمُ فَهُوَ احْتِمَالٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

وَأَرَادَ بِوَجْهِ اللَّهِ رِضَاهُ مَجَازًا وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ يَجِيءُ عَلَى مَعَانٍ يُقَالُ وَجْهُ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَوَجْهُ النَّهَارِ أَوَّلُهُ وَوَجْهُ الْكَلَامِ السَّبِيلُ الَّتِي تَقْصِدُهَا بِهِ وَوُجُوهُ الْقَوْمِ سَادَاتُهُمْ وَصَرَفْت الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ عَلَى سُنَنِهِ وَالشَّيْطَانُ وَاحِدُ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ بِمَعْنَى مَرَدَتِهِمْ وَالنُّونُ أَصْلِيَّةٌ إنْ كَانَ مِنْ شَطَنَ أَيْ بَعُدَ عَنْ الْخَيْرِ وَزَائِدَةٌ إنْ كَانَ مِنْ شَاطَ يَشِيطُ أَيْ هَلَكَ، أَمَّا الصَّنَمُ فَهُوَ صُورَةُ الْإِنْسَانِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَعْتِقُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَقَدْ مَرَّ قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْتِقُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْفَتْحِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ الَّذِي نَشَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُنَا نَصَّ عَلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ هُنَاكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ هُنَا فَلِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مِلْكًا كَوْنُهُ مَمْلُوكًا مُطْلَقًا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْمَمْلُوكِ إنْ كَانَتْ أَمَةٌ فِي مِلْكِهِ دَخَلَ وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ الْحَمْلُ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ مُوصًى لَهُ بِهِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَمْلُوكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ فِي وُجُودِهِ خَطَرًا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ فِطْرِهِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ أَقُولُ: الْجَوَابُ أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ الْمَحْكُومِ بِثُبُوتِهِ شَرْعًا لِضَرُورَةِ دَفْعِ الذُّلِّ عَنْ الْقَرِيبِ قَرَابَةً قَوِيَّةً وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيَّاتِ مَا لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015