فِضَّةٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ فَهُوَ وَثَنٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: وَبِكُرْهٍ وَسُكْرٍ) أَيْ يَصِحُّ الْعِتْقُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالسُّكْرِ لِصُدُورِ الرُّكْنِ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ وَالْإِكْرَاهُ حَمْلُ الْغَيْرَ عَلَى مَا لَا يَرْضَاهُ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُلْجِئَ وَهُوَ مَا يُفَوِّتُ النَّفْسَ أَوْ الْعُضْوَ وَغَيْرَ الْمُلْجِئِ، أَمَّا السُّكْرُ فَأَطْلَقَهُ أَيْضًا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا كَانَ مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ مُثَلَّثٍ بِقَصْدِ السُّكْرِ، أَمَّا مَا كَانَ طَرِيقُهُ مُبَاحًا كَسُكْرِ الْمُضْطَرِّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ.

وَالْحَاصِلُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَالْمُثَلَّثِ لَا بِقَصْدِ السُّكْرِ، بَلْ بِقَصْدِ الِاسْتِمْرَاءِ وَالتَّقَوِّي وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ بِلَا طَبْخٍ فَإِنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ لَا يَصِحُّ مَعَهُ تَصَرُّفٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مِلْكٍ أَوْ شَرْطٍ صَحَّ) أَيْ إنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى مِلْكٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكَتُك فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَقَعُ الْعِتْقُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ أَمَّا الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ فَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، أَمَّا التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ فَلِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَيَجْرِي فِيهِ التَّعْلِيقُ بِخِلَافِ التَّمْلِيكَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ، وَالْإِضَافَةُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ كَالْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ كَإِنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ بِخِلَافِ إنْ مَاتَ مُوَرِّثِي فَأَنْت حُرٌّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُوضَعْ سَبَبًا لِلْمِلْكِ فَالْإِضَافَةُ إلَى وَقْتٍ كَالْعِتْقِ بِالشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ لَا يُوجَدُ فِيهِمَا إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَالْوَقْتُ وَالْمَحَلُّ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَالِكِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي التَّعْلِيقِ بِشَرْطِ الْمَوْتِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ، وَكَذَا الِاسْتِيلَادُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ.

قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مَلَكَتُك فَأَنْت حُرٌّ عَتَقَ لِلْحَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِمُكَاتَبِهِ إنْ أَنْت عَبْدِي فَأَنْت حُرٌّ لَا يَعْتِقُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِضَافَةِ قُصُورًا اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ رَجُلٍ إنْ وَهَبَك مَوْلَاك لِي فَأَنْت حُرٌّ فَوَهَبَهُ لَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ لَا يَعْتِقُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَدْ ابْتَدَأَ الْوَاهِبُ بِالْهِبَةِ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَإِنْ ابْتَدَأَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ وَهَبْت لَك عَتَقَ اهـ.

وَمِنْ مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ اللَّطِيفَةِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا مَاتَ وَالِدِي فَأَنْت حُرَّةٌ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ وَالِدِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ مَاتَ وَالِدِي فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَمَاتَ الْوَالِدُ كَانَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا تَعْتِقُ وَلَا تَطْلُقُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرَّرَ حَامِلًا عَتَقَا) أَيْ الْأُمُّ وَالْحَمْلُ تَبَعًا لَهَا إذْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا فَهُوَ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا، وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ لَا يَصِحُّ كَاسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا خَرَجَ أَكْثَرُ الْوَلَدِ فَأَعْتَقَ الْأُمَّ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَوْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَرِثُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ الْأَكْثَرِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ نِسْبَةَ هَذَا التَّفْصِيلِ لِأَبِي يُوسُفَ لِكَوْنِهِ نُقِلَ عَنْهُ وَحْدَهُ، لَا لِأَنَّ الصَّاحِبَيْنِ يُخَالِفَانِهِ فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْقَاعِدَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةَ إنْسَانٍ فَأَجَازَ الْمَوْلَى إعْتَاقَهُ بَعْدَمَا وَلَدَتْ يَعْتِقُ الْوَلَدُ اهـ.

وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي عِتْقِ الْحَمْلِ فَشَمِلَ مَا إذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنْ إنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مَقْصُودًا لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ حَتَّى لَا يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَحِينَئِذٍ يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إلَى مَوْلَى الْأَبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِيَكُونَ عِتْقُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ؛ وَلِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّبَعِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحُرِّيَّةِ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلِيَّةَ فَلَا إشْكَالَ وَلَا تَكْرَارَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ حَرَّرَهُ عَتَقَ فَقَطْ) أَيْ إنْ حَرَّرَ الْحَمْلَ وَحْدَهُ عَتَقَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُغْتَفَرُ فِي الْقَصْدِيَّاتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ فَإِنَّهُ قَصْدِي مُطْلَقٌ فَيَقْتَضِي صِفَةَ الْكَمَالِ فَاحْتَاجَ إلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُطْلَقُ الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبَعْضُ الْمَمْلُوكُ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْقَرِيبِ فَيَعْتِقُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015