خَاصَّةً فَلَا يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلشَّكِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ بِالنِّيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ قَالُوا إذَا نَوَى يَعْتِقُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ قَدْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَنَوَى الْإِيلَاءَ يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ مُولِيًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ بِدُونِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّشْبِيهُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتِقْ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَى الْمِثْلِ فِي اللُّغَةِ النَّظِيرُ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ مَا أَنْتَ إلَّا مِثْلُ الْحُرِّ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ لِحُرَّةٍ أَنْت حُرَّةٌ مِثْلُ هَذِهِ يَعْنِي أَمَته فَأَمَتُهُ حُرَّةٌ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ مِثْلُ هَذِهِ الْأَمَةِ لَمْ تَعْتِقْ أَمَتُهُ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَخَذَ قَمِيصًا خَاطَهُ غُلَامُهُ، وَقَالَ هَذِهِ خِيَاطَةُ حُرٍّ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّشْبِيهُ. اهـ.
فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَعْتِقُ فِيهَا بِالنِّيَّةِ وَبَعْضَهَا لَا فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَعْنِي فِي النَّفْسِ لَمْ يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتَ عَتِيقٌ، وَقَالَ عَنَيْت بِهِ فِي الْمِلْكِ لَا يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتَ عَتِيقٌ فِي السِّنِّ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرُّ النَّفْسِ يَعْنِي فِي الْأَخْلَاقِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بَدَنُك بَدَنُ حُرٍّ وَرَأْسُك رَأْسُ حُرٍّ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ وَلَيْسَ بِتَحْقِيقٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّحْقِيقَ لَقَالَ بَدَنُك حُرٌّ، وَلَوْ نَوَّنَ فَقَالَ رَأْسُك رَأْسُ حُرٍّ أَوْ بَدَنُك بَدَنُ حُرٍّ أَوْ وَجْهُك وَجْهُ حُرٍّ عَتَقَ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ بِتَشْبِيهٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ رَأْسُك حُرٌّ
(قَوْلُهُ: وَعَتَقَ بِمَا أَنْت إلَّا حُرٌّ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمَفْهُومُ مِنْ تَرْكِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ لُغَةً وَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمَشَايِخِ فِي الْأُصُولِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْأُصُولِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الِاسْتِثْنَاءُ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا أَمَّا كَوْنُهُ إثْبَاتًا مُؤَكَّدًا فَلِوُرُودِهِ بَعْدَ النَّفْيِ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ الْمُجَرَّدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِمِلْكٍ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ بِأَنْتَ وَأَيْ يَصِحُّ الْعِتْقُ بِمِلْكٍ قَرِيبٍ مُحَرَّمٍ لِلْحَدِيثِ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ بِعُمُومِهِ يَنْتَظِمُ كُلَّ قَرَابَةٍ مُؤَبَّدَةٍ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وِلَادًا أَوْ غَيْرَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَلَكَ قَرِيبَهُ قَرَابَةً مُؤَثِّرَةً فِي الْمَحْرَمِيَّةَ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ فِي بَحْثِ الْعِلَلِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ بِالْمِلْكِ شَيْئَانِ الْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ لَكِنْ الْعِتْقُ يُضَافُ إلَى آخِرِهِمَا فَإِنْ تَأَخَّرَ الْمِلْكُ أُضِيفَ إلَيْهِ الْعِتْقُ كَمَا إذَا مَلَكَ قَرِيبَهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْقَرَابَةُ وَتَقَدَّمَ الْمِلْكُ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَى الْقَرَابَةِ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَبْدٌ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ غَرِمَ لِشَرِيكِهِ وَأُضِيفَ الْعِتْقُ إلَى الْقَرَابَةِ اهـ.
قَيَّدَ بِالْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ مَحْرَمًا بِلَا رَحِمٍ كَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مُوجِبَةٌ لِلصِّلَةِ مُحَرِّمَةٌ لِلْقَطِيعَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ وَقَيَّدَ بِالْمَحْرَمِ احْتِرَازًا عَنْ الرَّحِمِ بِلَا مَحْرَمٍ كَبَنِي الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ إذَا مَلَكَهُ لَمْ يَعْتِقْ وَخُصَّ عَنْ النَّصِّ الْمُحْرِمُ لِلْقَطِيعَةِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا أَنَّهُمْ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ فَلَوْ عَتَقُوا رُبَّمَا حَرَجُوا الْمُلَّاكَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَوْ خَصَّتْ الْقَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةَ عَنْ النَّصِّ أَيْضًا لَأَدَّى إلَى تَعْطِيلِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مُحْرَمٍ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، وَذُو الرَّحِمِ الْمُحْرَمِ شَخْصَانِ يُدْلِيَانِ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ كَالْأَخَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِوَاسِطَةٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ كَابْنِ الْأَخِ مَعَ الْعَمِّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْجَدِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأُطْلِقَ فِي الْمَالِكِ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْمِلْكِ وَفِيمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ الصِّلَةِ وَحُرْمَةِ الْقَطِيعَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَوْ مَلَكَ قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْتِقُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .