النِّسَاءَ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْعَدَدَ إنَّمَا اشْتَرَطَهُ مَنْ جَعَلَهَا شَهَادَةً كَمَا اشْتَرَطَ لَفْظَهَا وَمَنْ جَعَلَ التَّصْدِيقَ إقْرَارًا فَلَمْ يَشْتَرِطْ لَفْظَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعَدَدَ أَيْضًا وَعِبَارَةُ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ إنْ صَدَّقَهَا الْوَرَثَةُ فِي الْوِلَادَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَيِّتِ فِي حَقِّ مَنْ صَدَّقَهَا وَهَلْ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ إنْ كَانَ يَتِمُّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ بِهِمْ يَثْبُتُ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَدَدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَتَعَدَّى فِي حَقِّ الْكُلِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَأُطْلِقَ فِي الْمُعْتَدَّةِ فَشَمِلَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ وَالْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَفَاةٍ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَيَّدَهَا الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ لِانْقِضَاءِ فِرَاشِهَا بِالْوِلَادَةِ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ شَيْءٍ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَيْسَ بِمُنْتَقَضٍ فِي حَقِّهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ رَجْعَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَصُرِّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ إلَّا أَنَّهُ عَلَّلَ بِمَا يَخُصُّ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَجْنَبِيَّةٌ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا.
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ جُحِدَتْ وِلَادَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِوِلَادَتِهَا وَأَنْكَرَ تَعْيِينَ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ تَعْيِينُهُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ إجْمَاعًا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ إلَّا بِشَهَادَتِهَا إجْمَاعًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ غَيْرَ هَذَا الْمُعَيَّنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مَعَ ظُهُورِ الْحَبَلِ أَوْ اعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْوِلَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهَا قَابِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَثْبُتُ الْوِلَادَةُ بِدُونِ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ.
وَهَكَذَا صَرَّحَ فِي الْغَايَةِ وَأَنْكَرَ عَلَى صَاحِبِ مُلْتَقَى الْبِحَارِ فِي اشْتِرَاطِهِ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ لِتَعْيِينِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَدَّهُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ لَا بُدَّ مِنْهَا لِتَعْيِينِ الْوَلَدِ إجْمَاعًا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ نَفْسِ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا نَسَبُ الْوَلَدِ فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ غَيْرَ هَذَا الْمُعَيَّنِ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ لَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ حُكْمٍ آخَرَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِأَنْ عَلَّقَهُمَا بِوِلَادَتِهَا حَتَّى يَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهَا وَلَدْتُ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ لِاعْتِرَافِهِ بِالْحَبَلِ أَوْ لِظُهُورِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ حَتَّى تَشْهَدَ قَابِلَةٌ اهـ.
وَذَكَرَ ابْنُ بُنْدَارٍ أَنَّهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ بَقِيَتْ مُؤْتَمَنَةً فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا إلَّا أَنَّ الْقَابِلَةَ جُعِلَتْ شَرْطًا لِلْعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلِدُ إلَّا بِالْقَابِلَةِ وَإِنِّي أَقُولُ: إنَّ الْقَابِلَةَ شَرْطُ زَوَالِ التُّهْمَةِ كَالْيَمِينِ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِذَا لَمْ تَشْهَدْ قَابِلَةٌ بَقِيَتْ مُتَّهَمَةً فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ اهـ.
كَلَامُهُ وَهُوَ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا لِكَلَامِهِمْ فَمَنْ نَفَى اشْتِرَاطَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَكَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ) أَيْ: فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمَارَّةِ وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ.
(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ غَيْرَ هَذَا الْمُعَيَّنِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ حَبَلٌ ظَاهِرٌ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوِلَادَةَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ بِوِلَادَتِهَا الْقَابِلَةُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا وَأَرَادَتْ إلْزَامَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا لِكَلَامِهِمْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ فَتَدَبَّرْهُ اهـ.
وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ وَأَقُولُ: هَذَا التَّوْفِيقُ بَعِيدٌ عَنْ التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إنَّمَا يَكُونُ لِتَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ أَمَّا مُجَرَّدُ زَوَالِ التُّهْمَةِ فَلَا ثَمَرَةَ لَهُ اهـ.
أَقُولُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي التَّبْيِينِ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْهِدَايَةِ آخِرًا، وَكَذَا كَلَامُ الِاخْتِيَارِ وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي عِنْدَ تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْحَبَلِ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا فَإِنَّ النَّسَبَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَالْحَاجَةِ إلَى تَعْيِينِهِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ يَقُولُ لَعَلَّهُ هَلَكَ فَخَرَجَ مَيِّتًا أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَالتَّعْيِينُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ اهـ.
فَقَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ظُهُورَهُ أَوْ الْإِقْرَارَ بِهِ لَا يُفِيدُ تَعْيِينَهُ بِدُونِ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُحَقِّقُ ابْنُ كَمَالٍ وَالْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِنْ جَحَدَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَلَدَتْهُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْوِلَادَةِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ حَبَلًا ظَاهِرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَهُ الْمِيرَاثُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَشَهِدَتْ عَلَى وِلَادَتِهَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ حُرَّةٌ جَازَتْ شَهَادَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَبَلًا ظَاهِرًا قَالَ أَبُو الْفَضْلِ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهَا جَاءَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ إخْبَارِهِ رَجُلٌ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ طَلَاقًا بَائِنًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ وَجَاءَتْ بِامْرَأَةٍ تَشْهَدُ عَلَى الْوِلَادَةِ وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ لِلْوَلَدِ وَالْحَبَلِ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّسَبُ حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُهُ النَّسَبُ فِي قَوْلِهِمَا بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعْتَدَّةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فِي هَذَا الْحُكْمِ اهـ.