شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ أَفَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا حَقِيقَةً لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَمَنْ أَثْبَتَهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا شَرْطٌ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهَا وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ يَجِبُ قَبُولُهُ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ قَبُولَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى الْوِلَادَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْسُقُونَ بِالنَّظَرِ إلَى عَوْرَتِهَا إمَّا لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ نَظَرٍ وَلَا تَعَمُّدٍ أَوْ لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي شُهُودِ الزِّنَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ وَجَحَدَ الزَّوْجُ وِلَادَتَهَا وَادَّعَتْ أَنَّ حَبَلَهَا كَانَ ظَاهِرًا وَأَنْكَرَ ظُهُورَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ إمَّا رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَظُهُورُ الْحَبَلِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَتَّى يَكْفِيَ ظُهُورُهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا إنْ سَكَتَ وَإِنْ جَحَدَ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ) أَيْ: يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ حَقِيقَةً إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ إمَّا بِالسُّكُوتِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَافٍ وَلَا نَفْيٍ لَهُ وَإِمَّا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عِنْدَ إنْكَارِ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ وَالْمُدَّةُ تَامَّةٌ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِثُبُوتِهِ اعْتَرَفَ بِهِ أَوْ سَكَتَ أَوْ أَنْكَرَ حَتَّى لَوْ نَفَاهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللَّعَّانِ، وَفِي التَّحْقِيقِ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِقِيَامِ الْفِرَاشِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهَا تَعْيِينُ الْوَلَدِ، قُيِّدَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ سَابِقٌ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ مِنْهُ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ بِشُبْهَةٍ وَأَفَادَ أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِلَا زِيَادَةٍ أَنَّهَا كَالْأَكْثَرِ قَالُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَاطِئًا لَهَا فَوَافَقَ الْإِنْزَالُ النِّكَاحَ.
وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبْتُوتَةِ حَيْثُ نَفَى نَسَبَ مَا أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ مَعَ تَصْحِيحِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا حَالَ جِمَاعِهَا، وَصَادَفَ الْإِنْزَالُ الطَّلَاقَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ هُنَا لِحَمْلِ أَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ هُنَا لَزِمَ كَوْنُهُ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَتْ بِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَأَمَّا عَدَمُ الثُّبُوتِ هُنَاكَ لِلشَّكِّ فَلَا يَسْتَلْزِمُ نِسْبَةَ فَسَادٍ إلَيْهَا لِجَوَازِ كَوْنِ عِدَّتِهَا قَدْ انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَرْأَةِ هُنَا وَقَيَّدَهَا فِي الشَّهَادَاتِ بِالْعَدَالَةِ وَقَيَّدَهَا فِي الْمَبْسُوطِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعَدَالَةَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ،.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَجَاءَتْ بِسِقْطٍ قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ جَازَ النِّكَاحُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْوَلَدُ لِلزَّوْجِ الثَّانِي، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ خَلْقَهُ لَا يَسْتَبِينُ إلَّا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً وَأَرْبَعِينَ عَلَقَةً وَأَرْبَعِينَ مُضْغَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ نَكَحْتَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَادَّعَى الْأَقَلَّ فَالْقَوْلُ لَهَا وَهُوَ ابْنُهُ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا فَإِنَّهَا تَلِدُ ظَاهِرًا مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ وَلَا مِنْ زَوْجٍ تَزَوَّجَتْ بِهَذَا الزَّوْجِ فِي عِدَّتِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ إضَافَةُ الْحَادِثِ وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ ظَاهِرَانِ فِي ثُبُوتِ نَسَبٍ قُدِّمَ الْمُثْبِتُ لَهُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ حَتَّى إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْإِيمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ بِخِلَافِ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهَا مُتَأَيِّدٌ بِظَاهِرِهِ وَهُوَ عَدَمُ مُبَاشَرَتِهِ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ حَبَلٌ مِنْ الزِّنَا عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِهَذَا النَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ تَزَوَّجَهَا حَامِلًا إثْبَاتُ النَّسَبِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالْفَسَادِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِلَا شُهُودٍ لِجَوَازِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زِنًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ كَذَّبَهُ حَيْثُ أَثْبَتَ النَّسَبَ وَالشَّرْعُ إذَا كَذَّبَ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِيمَنْ يَكُونُ خَصْمًا وَمَنْ لَا يَكُونُ أَنَّ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يَبْطُلُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ إذَا كَانَ التَّكْذِيبُ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا إذَا قُضِيَ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَلَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا الْمَبْتُوتَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا ادَّعَتْ الْوِلَادَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَادَةُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ.
(قَوْلُهُ وَادَّعَتْ أَنَّ حَبَلَهَا كَانَ ظَاهِرًا) لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَكُونُ بِهِ الْحَبَلُ ظَاهِرًا، وَفِي الشرنبلالية وَظُهُورُ الْحَبَلِ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ الْمُرَادُ بِظُهُورِ الْحَبَلِ أَنْ تَكُونَ أَمَارَاتُ حَمْلِهَا بَالِغَةً مَبْلَغًا يُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِكَوْنِهَا حَامِلًا لِكُلِّ مَنْ شَاهَدَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ تَزَوَّجَهَا حَامِلًا إثْبَاتُ النَّسَبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَزَوُّجُهَا حَامِلًا بِثَابِتِ النَّسَبِ لِيَكُونَ إقْرَارًا بِالْفَسَادِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِخُلَاصَةِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فَالتَّوْجِيهُ الْأَوَّلُ أَسْلَمُ