وللفراء في هذا الباب في كتاب المقصور والممدود أشياء قد جاء بها ... قد أنكرت عليه، ورواها الأصمعي، وابن السكيت، والمتقنون من أهل اللغة على خلاف ما روى. والذي يقال في هذا: إنه مأمون على ما رواه، غير أن سماع الكوفيين أكثره عن غير الفصحاء"1.
وممن لم يلتزمها من المتأخرين ابن مالك في مؤلفاته. قال السيوطي بعد أن نقل هذه القائمة: "ونقل ذلك أبو حيان في "شرح التسهيل" معترضًا به على ابن مالك حيث عنى في كتبه بنقل لخم وخزاعة وقضاعة وغيرهم، وقال: ليس ذلك من عادة أئمة هذا الشأن"2.
كذلك كانت هذه القائمة محل نقد من بعض المعاصرين، كما فعل الدكتور مهدي المخزومي الذي يرى أن التفرقة بين القبائل خطأ منهجي، ويشرح ذلك بقوله: "ولا نرى هذا إلا لغو الكلام. إنهم يجهلون أن اللغة سليقة وطبيعة، ويجهلون أن صاحب اللغة لا يغلط في لغته، لأنها جزء من حياته التي فطر عليها وعادة من عاداته التي نشأ عليها. وإذا كان الجاهليون يغلطون، والمخضرمون يغلطون، والإسلاميون يغلطون، فعلى من بعد هؤلاء يعتمد النحاة؟ بماذا يحتجون؟ ومن أين جاءوا بهذه الأصول التي وضعوها، وهذه القواعد التي استنبطوها".
ثم يناقش فكرتها في وجود الفصاحة في كبد الصحراء فقط بعيدة عن ملابسات الحضارة فيقول: "ولو كان مقياس الفصاحة هو الانعزال في كبد الصحراء وعدم الاتصال بالأجانب؛ لكانت لغة قريش أبعد اللغات عن الفصاحة، ولا قائل بهذا"3 والدكتور المخزومي على حق في هذا، فقريش كانت تسكن مكة وما حولها، وهم أهل تجارة، والتجارة تؤدي إلى الاختلاط، والاختلاط يفسد اللغة على حد زعمهم. فعلام التفريق اذن بين قريش.