وبهارتر هاري من أعظم النحاة الهنود. ويستحقان احترامنا باعتبارهما مؤسسي فرع "فلسفة النحو" إن ما فعلاه يعد أهم مما قام به أفلاطون وأرسطو لعلم الفلسفة الخاص"1.
ولا أفهم كيف يظن ظانّ خلو النحو الهندي من تأثير المنطق، ويفترض أن الصبغة المنطقية في نحو المتأخرين جاءت عن طريق الإغريق؟ إن المنطق -كما يقال-: علم كل العلوم Science of all Sciences وللمنطق قضاياه المسلمة التي لا تخص علم المنطق وحده، وإنما تصلح للتطبيق كذلك في فروع أخرى من العلم، لما لها من قيمة لا تقبل الجدل.
ومن يرجع إلى بعض المناقشات النحوية عند الهنود يجدها فلسفة صرفًا، كخلافهم حول ما إذا كان هناك ما يمكن أن يُسمى بالزمن الحاضر. كما أن من يرجع إلى آرائهم حول أنواع الدلالات للكلمة يرى بوضوح سلطان الفلسفة والمنطق عليهم.
د- ولست أخيرًا مع الدكتور أيوب في قوله: إن كتاب سيبويه يخالف المتأخرين من ناحية عدم تأثره بالمنطق، وعدم اهتمامه بالنظريات والتقسيمات العقلية؟ ماذا يبقى في أي كتاب للنحو إذن لو جردناه من النظريات، ونحينا جانبًا ما فيه من تقسيمات عقلية؟ أليس المنطق هو المسئول عن إعراب الخليل وسيبويه الفعل المضارع بعد فاء السببية وواو المعية منصوبًا بأن مضمرة؟ ألم يكن الخليل يثير كثيرًا من المناقشات اللفظية ويطبق قواعده على أمثلة لم ترد عن العرب؟ أليس منع سيبويه العطف على معمولي عاملين مختلفين من آثار الفلسفة، ونتيجة لتحرجه من القول بتسلط عاملين مختلفين على معمول واحد، لئلا يلزم أن يكون المعمول منصوبًا مرفوعًا مثلًا، مع أنه لا يجتمع الضدان في محل؟ أو