من المشهور بين الباحثين أن الدراسة اللغوية المقارنة لم توجد إلا في العصر الحديث، وبعد اكتشاف اللغة السنسكريتية. يقول محمد الأنطاكي: "لم يفطن أحد إلى وجود القرابة بين كل هذه الألسن، ولم يظهر المنهج المقارن إلا بعد العثور على اللسان السنسكريتي".
وهذه المقولة برغم شيوعها ليست صحيحة، على الأقل بالنسبة للدراسات العربية. فقد وجدت منذ القرن العاشر الميلادي "الرابع الهجري" دراسات مقارنة قام بها لغويون متخصصون، ومعظمها تم في المغرب والأندلس على يد لغويين يهود سجلوها باللغة العربية.
وأشهر عملين تما في هذا الخصوص عملا ابن بارون وجودة بن قريش.
وإن وجدت أعمال أخرى أقل قيمة كتلك التي قام بها أبو يوسف القرقساني وداود بن إبراهيم1، ودوناش بن تميم2.
أما ابن بارون فقد كان من يهود إسبانيا، واسمه بالكامل أبو إبراهيم إسحاق بن بارون، وقد كتب في أواخر القرن الحادي عشر كتابه العظيم "كتاب الموازنة بين اللغة العبرية والعربية"3. وقد خصص الكتاب للدراسة المقارنة بين اللغتين من جانبي اللغة والنحو، واهتم ببيان أوجه الشبه والخلاف.