بالإسناد الصحيح...." وحين أرد بن الجزري أن يمثل لما نقله الثقة ولا وجه له في العربية لم يجد ما يمثل به إلا ما كان من قبيل السهو والخطأ، ومع ذلك عقب بقوله: "وهو قليل جدًّا بل لا يكاد يوجد"1.
ومن الغريب أن نجد من بين المشتغلين بالقراءات من المعاصرين من يحاول إسقاط ما عدا القرءات السبع من الكتب، ويرفض إثباتها أو الإشارة إليها لأي غرض من الأغراض. فأقصى ما يمكن أن يقوله قائل: أنه لا تصح الصلاة بغير المتواتر، لأنه ليس بقرآن. ولكن إذا لم يكن قرآنًا، أليس من وجهة النظر اللغوية البحتة كلامًا عربيًّا فصيحًا؟ وإذا كان يحظر التعبد به أو قراءته في الصلاة، أليس هناك مجالات أخرى لروايته والاستشهاد به؟ يقول القسطلاني2: "إن من قرأ بالشواذ غير معتقد أنها قرآن ولا يوهم أحدًا ذلك، بل لما فيها من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها، أو الأحكام الأدبية فلا كلام في جواز قراءتها". وبهذا ينبغي أن تدخل القراءات بجميع درجاتها ومستوياتها في الدرس الأدبي واللغوي دون حرج.
نظرة اللغويين إلى القراءة:
تختلف نظرة اللغويين إلى القراءة باختلاف الغاية من الاستشهاد بها. فإن كانت الغاية إثبات وجود اللفظ في اللغة، أو ضبط نطقه أو ذكر معناه، أو غير ذلك من النتائج الجزئية التي لا تعمم حكمًا ولا تبني قاعدة، إذا كانت الغاية كذلك فلا يهم كثرة النماذج اللغوية الموافقة لهذه القراءة أو قلتها، كما لا يهم أن تكون القراءة هي النموذج الوحيد المنقول إلينا. وقد قبل اللغويون روايات الآحاد بالنسبة لجميع الشواهد اللغوية في مثل هذه الحالة.