إذا كان منهاج البحث قد بين لنا الترتيب الخاص بخطوات البحث العلمي ومراحله، فإن مضمون البحث يشكل محتواه الفكري الرئيس، الذي تظهر فيه قدرة الباحث على تصميم البحث والعرض والدقة في التحليل والبراعة في التفسير، لما حصل عليه من خلال دراساته، سواء كانت دراسات نظرية أو عملية ميدانية أو من كليهما، بحيث يبدو في كيفية التصرف فيما جمع من الدراستين مهارة الباحث وقدرته ونقده نقدا واعيا، وعرض النتائج التي توصل إليها عرضا تحليليا وافيا وتفسيرها في ضوء المقارنة بعضها ببعض ومع نتائج أخرى مست مشكلة الموضوع نفسه أو مشكلات أخرى مماثلة ومن ثم مناقشة هذه النتائج.
يعتمد عرض الأفكار على مدى اتساع قراءات الباحث، ومقدار ما حصل عليه من خلال هذه القراءات ناقدا ومعالجا، وهما عمليتان فكريتان تحتاجان إلى تعمق وإعمال فكر وروية، بنظرة ثاقبة وتدبر متأن، لهذا يجب أن يكون الباحث معدا نفسه إعدادا مناسبا، ملتزما بالدقة المطلوبة في البحوث العلمية، وبالوضوح الذي يبعد اللبس، مستندا إلى أصول قوية تمكنه من تحمل أعباء البيانات والأفكار التي تم التوصل إليها والحصول عليها، وتفسير النتائج وهما عمليتان متدرجتان في الصعوبة.