وهكذا فإن مبدأ الشك لم يكن بدعة نادى بها ديكارت، فقد سبقه إلى ذلك كثير من المفكرين العرب، وأوجبوا على الباحث منذ البداية بحثه أن يطهر عقله من كل ما يحويه من أفكار حول موضوعه، خشية أن يتلف بحثه وتوجهه إلى غير ما يقتضيه منهجه وتوصلوا إلى ذلك بالشك.
يقول إبراهيم النظام: "لم يكن يقين قط حتى صار فيه شك، ولم ينتقل أحد من اعتقاد حتى يكون بينهما حال شك، لأن كل يقين في المعرفة مسبوق بشك يستهدف التمحيص ويمهد لليقين".
قام علم الفلك عند العرب على التجربة، معتمدا على الملاحظة الحسية وآلات الرصد لتعليل حركات الأجرام السماوية وتفسير الظاهرات الفلكية، لقد ترجم العرب كتاب بطليموس1 "النظام الرياضي للنجوم Mathematic Syntaxis" وسموه المجسطي "صلى الله عليه وسلمl-magistic" "أي الأعظم" ورغم أن كتابه بالغ الأثر في العرب، إلا أن علماء العرب كشفوا في ضوء دراساتهم التجريبية عن الكثير من أخطائه، لهذا قيل: إنه كان عندهم نقطة انطلاق في تفكيرهم العلمي فيما لاحظ ول ديورانت "W. عز وجلurant".
نذكر في هذا المجال أبناء أحمد بن موسى بن شاكر "ت 259هـ/ 872م" الذين تحققوا من مقياس الكرة الأرضية، وقد علق المستشرق الإيطالي كارلو ألفونسو نلليو "Nallino" عام "1938م" ويعد حجة في عالم الفلك بقوله: "وهو كما لا يخفى قريب من الحقيقة" "مقياس محيط الأرض" دال على ما كان للعرب من باع طويل في الأرصاد وعلم المساحة ... وقياس العرب أول قياس حقيقي أجري ولا بد لنا من إعداد ذلك القياس من أعمال العرب الفلكية المجيدة المأثورة.