ولا بد من الإشارة إلى أنه بالرغم من مطالبة هؤلاء المفكرين تبني الطريقة العلمية، إلا أنهم لم يستخدموا فعلا هذه الطريقة إلا في حدود ضيقة، كما ينبغي أيضا أن نشير إلى أنه رغم التحرر التدريجي من سلطان الكنيسة ورجال الدين، إلا أن هذه السلطة كانت ما تزال لها فعاليتها، ومثال على ذلك موقف السلطات الدينية من العالم كوبرنيكوس1 "Copernicus" عام "878-950هـ/ 1473-1543م" لقوله بدوران الأرض حول الشمس، كما أحرقت الكنيسة في روما عام "1600م" عالما إيطاليا "جيودا نوبرونو" لإصراره على أن الأرض تدور حول الشمس2.
أتى فرنسيس بيكون لبعث الحياة في فكرة روجر بيكون3، وقال بالاستقراء الكامل وبالتجارب وجمع الأمثلة الكلية التي تنقض القانون العام، والتجارب وحدها لا تكفي، فلا بد من الاستنباط والنشاط العقلي، وكان المنهج الصحيح عنده هو الذي يجمع بين التجربة والطريقة القياسية، أو بعبارة أدق هو الذي جمع بين الاستقراء الدائم على التجارب وبين القياس العقلي المحكم، أو قل هو الاستقراء المصبوب في قالب عقلي وطيد، وبذلك كله يعتبرون فرنسيس بيكون مؤسس المنطق الحديث، وفاتحة عصر جديد في البحث العلمي4، ومؤلفه الأداة الجديدة للعلوم "Novum organ om Scientiarum" يفصل بين قواعد المنهج التجريبي وخطواته.
إن جوهر العمل الذي قام به بيكون لم يكن علما بقدر ما كان في مجال العلاقات الاجتماعية للعلم، وقد أشار إلى ضرورة إخضاع العلم بكلياته وجزئياته للملاحظة العلمية، كما قام بتصنيف الأخطاء الشائعة التي تعوق البحث العلمي:
1- أخطاء تعود إلى ضعف العقل الإنساني.