وقد كان شيخنا الحافظ الكبير الجهبذ أبو الحجاج المزي، تغمده الله برحمته، من أبعد الناس عن هذا المقام، ومن أحسن الناس أداءً للإسناد والمتن، بل لم يكن على وجه الأرض - فيما نعلم - مثله في هذا الشأن أيضاً. وكان إذا تغرب عليه أحد برواية مما يذكره بعض شراح الحديث على خلاف المشهور عنده، يقول: هذا من التصحيف الذي لم يقف صاحبه إلا على مجرد الصحف والأخذ منها. S
= وهي رمح صغير له سنان كان يغرز بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى في الفضاء سُترةً له.
فاشتبه على الحافظ أبي موسي محمد بن المثنى العنزي، من قبيلة "عنزة".
معنى الكلمة، فظنها القبيلة التي هو منها، فقال: "نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة، قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا" [1]
قال السيوطي في "التدريب" (ص 197) [2]: "وأعجب من ذلك ما ذكره الحاكم [3] عن أعرابي: أنه زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى شاة! صحفها عنْزة، بسكون النون، ثم رواها بالمعنى على وهمه فأخطأ من وجهين! ! ".
وهذا الذي استغربه الحافظ السيوطي رحمه الله قد وقع مثله معه، فيما استدركناه عليه سابقاً في تعليقنا على "النوع الثامن عشر" فإنه نقل حديثاً عن أبي شهاب، وهو الحناط,,فتصحف عليه وظنه "ابن شهاب"، ثم نقله بالمعنى، فقال "كحديث الزهري" [شاكر].
_____
[1] أخرجها الخطيب في الجامع 1/ 295
[2] تدريب (2/ 650)
[3] انظر معرفة علوم الحديث ص 148.