. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . S

= مسموع من العرب. قال ابن الصلاح [1] ص (167): "روينا عن المعافي بن زكريا النهرواني: أن المولدين فرعوا قولهم (وجادة) فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة: من تفريق العرب بين مصادر: (وَجَد) للتمييز بين المعاني المختلفة. يعني قولهم، "وجد ضالته وجداناً" ومطلوبه "وجوداً" وفي الغضب "موجدةً" وفي الغنى: "وُجْداً" وفي الحب: "وَجْدًا".

والوجادة هي: أن يجد الشخص أحاديث بخط راويها - سواء لقيه أو سمع منه، أم لم يلقه ولم يسمع منه- أو أن يجد أحاديث في كتب لمؤلفين معروفين-: ففي هذه الأنواع كلها لا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: "وجدت بخط فلان" إذا عرف الخط ووثق منه، أو يقول: "قال فلان" أو نحو ذلك.

وفي مسند أحمد أحاديث كثيرة نقلها ابنه عبد الله، يقول فيها: "وجدت بخط أبي في كتابه" ثم يسوق الحديث، ولم يَسْتَجِزْ أن يرويها عن أبيه، وهو راويةُ كتبه وابنه وتلميذه، وخط أبيه معروف له، وكتبه محفوظة عنده في خزائنه.

وقد تساهل بعض الرواة، فروى ما وجده بخط من يعاصره، أو بخط شيخه، بقوله: "عن فلان". قال ابن الصلاح [2] ص (168): "وذلك تدليس قبيح، إذا كان بحيث يوهم سماعه منه".

وقد جازف بعضهم فنقل بمثل هذه الوجادة بقوله: "حدثنا فلان" أو "أخبرنا فلان"! وأنكر ذلك العلماء، ولم يجزه أحدٌ يعتمد عليه، بل هو من الكذب الصريح، والراوي به يسقط عندنا عن درجة المقبولين، وترد روايته.

وقد اجترأ كثير من الكتاب في عصرنا، في مؤلفاتهم وفي الصحف والمجلات: فذهبوا ينقلون من كتب السابقين من المؤرخين وغيرهم بلفظ التحديث، فيقول أحدهم: "حدثنا ابن خلدون"، "حدثنا ابن قتيبة"، "حدثنا الطبري"! وهو أقبح ما رأينا من أنواع النقل فإن التحديث والإخبار ونحوهما من اصطلاحات المحدثين الرواة بالسماع، وهي المطابقة للمعنى اللغوي في السماع، فنقلها إلى معنى آخر - هو =

_____

[1] مقدمة (ص 358)

[2] مقدمة (ص 358 - 359)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015