قال ابن الصلاح (?): وهذا هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة لتعذر شروط الرواية في هذا الزمان، يعني: فلم يبق إلا مجرد وجادات «1».

"قلت": وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أي الخلق أعجب إليكم إيماناً؟ قالوا: الملائكة، قال وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ وذكروا الأنبياء، فقال: وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: فنحن، قال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدكم، يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها" (?)، وقد ذكرنا الحديث بإسناده ولفظه في شرح البخاري، ولله الحمد. فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدمة بمجرد الوجادة لها «2». والله أعلم. S

«1» [شاكر] في كل أنواع الرواية في الحديث - من السماع إلى الإجازة- يجب على الراوي العمل بما صح إسناده عنده من روايته من غير خلاف، وإن خالف في ذلك المقلدون المتأخرون، وخلافهم لا عبرة به، لأنهم يقرون على أنفسهم بالتقليد، وبأنهم تركوا النظر والاستدلال، وتبعوا غيرهم! .

وقد اختلف العلماء في الأنواع الأخيرة من الرواية وهي: الإعلام، والوصية، والوجادة: هل يجب العمل بما صح إسناده من الحديث المروي بها؟ والصحيح أنه واجب، كوجوبه في سائر الأنواع.

أما الإعلام والوصية فقد قدمنا أنهما لا يقلان في القوة والثبوت عن الإجازة، وأما الوجادة فسيأتي القول فيها [شاكر].

«2» [شاكر] الوجادة - بكسر الواو- مصدر "وجد يجد"، وهو مصدر مولد غير =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015