كتاباً في "من حدث بحديث ثم نسي" «1». S

«1» [شاكر] إذا روى ثقة عن ثقة آخر حديثا، فنفاه المروي عنه، وجزم بأنه لم يحدث بهذا الحديث، بأن قال: "ما رويته"، أو "كذب عليّ"، أو نحو ذلك، وجب رده في الأصح ولكن لا يقدح ذلك في باقي روايات الراوي عنه، ولا يثبت جرحه قال في التدريب [1] (ص 123): لأنه أيضًا مكذب لشيخه في نفيه لذلك، وليس قبول جرح كل منهما أولى من قبول الآخر، فتساقطا، فإن عاد الأصل وحدث به أو حدث به فرع آخر ثقة عنه ولم يكذبه، فهو مقبول. صرح به القاضي أبو بكر والخطيب وغيرهما"

وهذا الذي رجحه لا أراه راجحا، بل الراجح قبول الحديث مطلقًا، إذ إن الراوي عن الشيخ ثقة ضابط لروايته، فهو مثبت، والشيخ وإن كان ثقة إلا أنه ينفي هذه الرواية، والمثبت مقدم على النافي، وكل إنسان عرضة للنسيان والسهو، وقد يثق الإنسان بذاكرته ويطمئن إلى أنه فعل الشيء جازمًا بذلك، أو إلى أنه لم يفعله مؤكدًا لجزمه _: وهو في الحالين ساه ناس.

وإلى هذا القول ذهب كثير من العلماء، واختاره السمعاني، وعزاه الشاشي للشافعي، وحكى الهندي [2] الإجماع عليه. كما نقل ذلك السيوطي في التدريب [3]، ثم قال: "ومن شواهد القبول ما رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير. قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد، فقال: لم أحدثك، قال عمرو: قد حدثتنيه! قال الشافعي [4]: كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه. والحديث أخرجه البخاري (842) من حديث ابن عيينة".

وأما إذا لم ينف الشيخ الحديث الذي حدث عنه الثقة به، بل نسيه فقط، بأن قال: "لا أعرفه" =

_____

[1] " التدريب" (1/ 395)

[2] هو: محمد بن عبد الرحيم بن محمد الأرموي، أبو عبد الله، صفي الدين الهندي: فقيه أصولي. 644 - 715 هـ"الدرر الكامنة لابن حجر"

[3] (1/ 395)، وانظر أيضًا "النكت" للزركشي (3/ 411، 412).

[4] مسند الشافعي (287 - بترتيب السندي)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015