أمَّا إذا تعارض جَرْح وتَعْدِيل، فينبغي أن يكون الجَرح حينئذ مفسَّراً. وهل هو المُقَدَّم؟ أو الترجيح بالكثْرةِ أو الأحفَظِ؟ فيه نزاع مشهور في أصول الفقه وفروعه وعلم الحديث «1». والله أعلم. S
= الجارح أو المعدل عالما بأسباب الجرح والتعديل والخلاف في ذلك، بصيرًا مرضيا في اعتقاده وأفعاله. قال السيوطي في التدريب [1] (ص 122): "وهو اختيار القاضي أبي بكر، ونقله عن الجمهور، واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي والخطيب، وصححه الحافظ أبو الفضل العراقي والبلقيني في محاسن الاصطلاح.
واختار شيخ الإسلام - يعني ابن حجر- تفصيلاً حسناً [2]: فإن كان من جرح مجملا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان، إلا مفسرا، لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة، فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي، فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه، ونقدوه كما ينبغي، وهم أيقظ الناس، فلا ينقض حكم أحدهم إلا بأمر صريح، وإن خلا عن التعديل قُبل الجرح فيه غير مفسر، إذا صدر من عارف، لأنه إذا لم يعدل فهو في حيز المجهول، وإعمال قول المجرح فيه أولى من إهماله. [3]
وقال الذهبي [الموقظة ص 84]، وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف، ولا على تضعيف ثقة. اهـ.
ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمعوا على تركه [4].
والتفصيل الذي اختاره ابن حجر هو الذي يطمئن إليه الباحث في التعليل والجرح والتعديل، بعد استقرار علوم الحديث وتدوينها. [شاكر]
«1» [شاكر] إذا اجتمع في الراوي جرح مبين السبب وتعديل، فالجرح =
_____
[1] تدريب (1/ 362)
[2] "نزهة النظر" ص 139
[3] انظر "الرفع والتكميل" للكنوي [ص 110] تذنيب مفيد لكل لبيب
[4] النزهة ص 138