34 - عندما زحف الصليبيين نحو القاهرة جعل الملك الكامل من المنصورة محور الإرتكاز لجميع خططه واستطاع أن ينزل قوات خلف الجيش الصليبي المتقدم فقطع عليه خط الرجعة وعزله عن دمياط، كما أجهز على سفنه الراسية بين المقدمة والمؤخرة، وحاصره براً وبحراً، ثم أرسل قوة عسكرية عبرت إلى الأراضي التي يعسكر فيها الصليبيون، ففجرَّوا سدود المياه فلم يشعر هؤلاء إلا وقد غرقت أكثر الأراضي المحيطة بهم وأحكم الملك الكامل خططه وسيطر المسلمون على الموقف واضطر الصليبيون للصلح.
35 - ولما فتحت دمياط دخلها الملك الكامل وفي خدمته إخوته وملوك أهل بيته وكان يوم دخوله إليها يوماً مشهوداً، ثم توجه إلى القاهرة وأذن للملوك في الرجوع إلى بلادهم.
36 - كشفت الحملة الصليبية الخامسة بجلاء أن الصليبيون لديهم الإصرار على التوسع جنوباً في مصر وكشفت الطابع التنصيري للحركة الصليبية، حيث كان حرصهم واضحاً على تحويل مسلمي المنطقة إلى مسيحيين يتبعون الكنيسة الأم في روما، وبذلك يكونوا قد استهدفوا الهوية الدينية ذاتها.
37 - كشفت تلك الحملة العلاقة الأبدية بين مصر والشام إذ أن كلا منهما عمق استراتيجي للآخر، وعندما تعرضت أرض الكنانة للخطر قدم إليها الدعم والعون الحربي من شقيقتها الجغرافية والتاريخية لبلاد الشام وهكذا وجد الخطر الصليبي المشترك تاريخ المنطقتين المتجاورتين بصورة أكدتها مراحل التاريخ السابقة وكذلك التالية.
38 - كشفت قصر نظر الملك الكامل الأيوبي فيما يتعلق بالعروض البالغة السخاء، والسذاجة للصليبيين وقد توافر لديه إصرار مثير للعجب على تقديم بيت المقدس للغزاة في مقابل خروجهم من مصر.