أولاً: ماذا حدث بعد وفاة الملك الكامل: بعد وفاة الملك الكامل في شهر رجب سنة 635هـ، تعاقب على زعامة الدولة الأيوبية ثلاثة اثنان منهما من أبنائه، أما الثالث فهو حفيدة، والسمة المشتركة بين عهود هؤلاء الثلاثة هي احتدام الصراع والوصول إلى أبعد مما وصل إليه في العهود السابقة وقد حدث بعد وفاة الملك الكامل أن اختلفت الآراء وتعددة الاتجاهات حول الشخص الذي كان سيخلفه في زعامة الدولة الأيوبية، فتحيز فريق إلى الناصر داود بن المعظم عيسى، وتحزب فريق آخر من الجواد مظفر الدين يونس بن شمس الدين مودود بن العادل بينما ذهب فريق ثالث إلى مناصرة أبي بكر الابن الأصغر للملك الكامل (?) وبعد سلسلة من الجدل والنقاش بين أصحاب هذه الاتجاهات انتصر الفريق الأخير وبالتالي بويع أبو بكر، الذي كان يعرف بالملك العادل الصغير، خلفاً لأبيه الراحل في الحكم المباشر لمصر، وفي زعامة البيت الأيوبي، وذلك في الثاني والعشرين من رجب سنة 635هـ (?)، كما اتفق أيضاً أن يكون الملك الجواد يونس نائباً عن ابن عمه العادل الصغير في حكم دمشق وعلى أن يكون الملك الصالح نجم الدين أيوب نائباً عن أخيه العادل الصغير في حكم الشرق وديار بكر (?)، ولم تنعم الدولة الأيوبية الهدوء في ظل هذا الاتفاق طويلاً، فقد سجل التاريخ في أحداث الفترة الأخيرة من سنة 635هـ خروج كل من الناصر والجواد على طاعة العادل الصغير، ووصل الناصر داود إلى غزة، وخطب بها لنفسه، وسرعان ما وقع الخلف بينه وبين الجواد، فأظهر الأخير أنه عاد إلى طاعة الملك العادل (?).