بَعْدَ أَنْ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَقَالَ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ثُمَّ خَاطَبَهُمْ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ بِاسْمِ الْإِيمَانِ الْمُتَقَدِّمِ لَهُمْ فِي كُلِّ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ , أَوْ نَهَاهُمْ عَنْهُ , فَقَالَ فِي الْأَمْرِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَقَالَ فِي النَّهْيِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَعَلَى هَذَا كُلُّ مُخَاطَبَةٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهَا أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ بَعْدَ الْهِجْرَةِ , وَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ بِالْإِقْرَارِ وَحْدِهِ إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَرْضٌ غَيْرُهُ , فَلَمَّا نَزَلَتِ الشَّرَائِعُ بَعْدَ هَذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وُجُوبُ الْأَوَّلِ سَوَاءً لَا فَرْقَ بَيْنَهَا , لِأَنَّهَا جَمِيعًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَبِأَمْرِهِ وَبِإِيجَابِهِ فَلَوْ أَنَّهُمْ عِنْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ أَبَوْا أَنْ يُصَلُّوا إِلَيْهَا , وَتَمَسَّكُوا بِذَلِكَ الْإِيمَانِ الَّذِي لَزِمَهُمُ اسْمُهُ , وَالْقِبْلَةُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنْهُمْ شَيْئًا , وَلَكَانَ فِيهِ نَقْضٌ لِإِقْرَارِهِمْ لِأَنَّ الطَّاعَةَ الْأُولَى لَيْسَتْ بِأَحَقَّ بِاسْمِ الْإِيمَانِ مِنَ الطَّاعَةِ الثَّانِيَةِ , فَلَمَّا أَجَابُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِلَى قَبُولِ الصَّلَاةِ كَإِجَابَتِهِمْ إِلَى الْإِقْرَارِ صَارَا جَمِيعًا مَعًا هُمَا يَوْمَئِذٍ الْإِيمَانُ , إِذْ أُضِيفَتِ الصَّلَاةُ إِلَى الْإِقْرَارِ وَالشَّهِيدُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ تُوُفُّوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَأَيُّ شَاهِدٍ يُلْتَمَسُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ؟